"السلام أمانة"، قد تقول هذه العبارة لشخص مالإيصال سلامك إلى آخر، حتى باتت اعتيادية بشكل مألوف، حينما يرى أحدهم شخصًا لم يره منذ فترة، ثم بعد السلام عليه يبلغه بضرورة السلام على أهل بيته أو أصدقاء عمل لم يرهم منذ فترة، أو جيران سابقون، وهكذا، فهل يأخذ (حامل الأمانة) هذا الأمر على محمل الجد، ويوصل السلام بالفعل لأصحابه؟.
السلام بالفعل أمانة يجب توصيلها، وربما يكون التلكؤ عن توصيلها أمرًا يؤذر عليه صاحبه، فتخيل أنك إن لم توصل السلام فقد تحمل ذنبًا، ذلك أن توصيل السلام أمانة مثلها مثل باقي الأمانات المادية وغير المادية، بل أنه إذا ناداه أحدهم من وراء حائط أو نحوه فقال السلام عليك يا فلان، أو كتب كتابًا وسلم فيه عليه، أو أرسل رسولا وقال سلم على فلان فبلغه الكتاب والرسول وجب عليه رد الجواب على الفور.
أمر إلهي
رد الأمانات لأهلها أمر إلهي، فقد قال المولى سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا» (النساء: 58)، وعليه، فيلزمك إن كنت تحملت لصديقك تبليغ السلام أن تبلغه لجميع من أرسل لهم صديقك السلام من الأسرة ولا تقتصر على بعضهم ما لم تكن هناك قرينة دالة على قصر سلامه على البعض كالوالدين، فيكفيك حينئذ تبليغ المقصودين من الأسرة فقط، ويمكن أن تبلغهم السلام دفعة واحدة، ويمكن أن تبلغ كل واحد على حدة، ولا مانع من أن توكل بعضهم بتبليغ بعض مع ملاحظة ما مر من أنه يلاحظ في إبلاغ سلام الأجنبي إلى الأجنبية عدم ترتب مفسدة، وإلا فلا.
اقرأ أيضا:
التيسير منهج إسلامي.. احرص عليه في كل تعاملاتكالرد الحسن
أيضًا رد السلام يستوجب (الرد الحسن) وخير الكلام، فعن الخلال قال: أخبرني يوسف بن أبي موسى قيل لأبي عبد الله: إن فلانا يقرئك السلام، قال: سلم الله عليك وعليه، وعن ابن عبد البر: قال رجل لأبي ذر فلان يقرئك السلام فقال: هدية حسنة ومحمل خفيف، وفي ذلك يقول الشافعية: "يستحب بعث السلام ويجب على الرسول تبليغه، وهذا ينبغي أن يجب إذا تحمله لأنه مأمور بأداء الأمانة وإلا فلا يجب".
وفي الصحيحين عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائش هذا جبريل يقرأ عليك السلام. فقالت: وعليه السلام ورحمة الله. زاد البخاري في رواية: وبركاته. زاد أحمد: جزاه الله خيرًا من صاحب ودخيل، فنعم الصاحب ونعم الدخيل، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى جبريل عليه الصلاة والسلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا رسول الله هذه خديجة معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب».