مرحبًا بك يا عزيزتي..
أقدر مشاعرك، وما تعرضت له من خبرة طفولية مع أهلك، ثم أخرى زوجية مؤلمة.
فكرت في الزواج كمخرج للهرب من الاساءات الوالدية، فأسأت الاختيار، وهربت من الرمضاء إلى النار وأنت لا تعلمين أنها النار، وهذا السيناريو يحدث مع كل من تفكر في "جوازة والسلام"، تخلصها من أذى أسرتها، وهي بالفعل تتخلص من أذاهم لكنها تقع في حفرة أخرى من الأذى ربما تكون أشد وطأة بسبب تداعياتها النفسية، وقربها الشديد كعلاقة من الجسد والعرض والنفس، وينتج عنها أرواح هم الأبناء، فالزواج قرار مصيري وليس "مهرب".
أما بشأن أهلك، فافعلي ما يرضي والديك، فإن كان كافيًا ومرضيًا لها السؤال عبر الهاتف فخير وبركة، ولا داعي لاستدعاء مشاعر الذنب المعطلة هذه التي من الممكن أن تؤثر على حالتك النفسية، وأنت تحملين مسئولية نفسك وأولادك، وهو حمل عظيم، يحتاج بالفعل إلى ذات تحب نفسها، وتحترمها، وتقدرها، ومشاعر الذنب التي هي بلا داع تمرض النفس وتقعدها، وتضعفها.
إن الله لم يفرض الحب يا عزيزتي تجاه الوالدين، فهو سبحانه لم يفرض "المشاعر"، وإنما فرض "سلوكًا طيبًا" معهم، إلانة القول وحسن الفعل وفقط، وهذا ليس معناه السماح لأي من الوالدين بالأذى لنفوسنا، بل إن فعلوا فهم عاقين لنا كأبناء، وراجعي قصة سيدنا عمر عندما أساء معاملة ابنه فقل قولته الشهيرة:" لقد عققته قبل أن يعقك"، وأنهم لو فعلوا لا نسمح لهم بذلك وبكل حزم مع أدب وإلانة القول، وفقط.
ارفقي بنفسك، وداوي جراحك النفسية بسبب طفولتك التي لم تكن مع أسرة سوية، ثم الانتقال إلى علاقة زوجية مشوهة ومؤذية.
أنت في مرحلة حرجة من عمرك، ترممين فيها ما بقي، وتتعلمين من الماضي ولا تكررينه، وتخططين وتعملين لحاضرك ومستقبلك، منتبهة إلى أن عيون صغارك وأرواحهم ناظرة إليك، منك يستمدون قوتهم، وسواء شخصياتهم، ونموهم النفسي السوي، حتى يمكنهم مواجهة صعوبات الحياة، ودمت بكل خير ووعي وسكينة.