آراء الناس في تحطمني ولا أستطيع دفعها.. ماذا أفعل؟
تبين د. مروة عبد الحميد استشاري العلاقات الاسرية والتربوية ان آراء الناس فينا وفي أفعالنا وأقوالنا مهمة ولعلها استمدت تلك الأهمية من مبدأ أن الإنسان كائن يتغذى نفسياً عن طريق الاحتكاك الدائم بأخيه الإنسان، فيكون صحبته ليسمعه وينصحه ويدعمه.
وتذكر أن كليم الله سيدنا موسي عليه السلام حين طلب من الله عز وجل أن يرسل معه أخاه هارون في دعوته لفرعون. وهذا أكبر دليل علي أهمية البحث عمن نأتمنه ونطمئن بصحبته ونشاركه في أمرنا. فالصديق الأمين نعمة من عند الله. ويمكننا أن نكوّن علاقة صداقة مع كل من حولنا من آباء وأمهات وإخوة وأخوات وأقارب وجيران وزملاء وشركاء الحياة.
وتضيف ونحن حينما نجد ذلك الشخص الصادق، يصبح رأيه جزء من البوصلة التي توجهنا في الحياة، فنستشيره فيما يشغل بالنا ونطلب منه النصيحة حين الوقوع في أي حيرة من أمرنا. وبالإضافة إلى ذلك، نجد أنفسنا أيضاً نهتم برأيه في أقوالنا وأفعالنا في مواقف شتي. فإذا أثني علينا، ازدادنا ثقة في أنفسنا. وإن انتقدنا أو اختلف معنا، جلسنا نفكر: "أمعه حق أم لا؟"
وتستطرد ان كل ذلك يعتبر إطاراً طبيعياً وصحياً للعلاقات الإنسانية بشكل عام. ولكن في بعض الأحيان قد تأخذ علاقاتنا بالناس شكلاً آخر أقل منفعة وقد تصل أيضاً إلى مرحلة الضرر. فنحن عندما نسيئ اختيار الصديق الصالح، ننصدم بتصرفاته وأقواله ونتأذى منها.
وتبين أنه ايضاً عندما نضع أهمية كبيرة لآراء الناس المقربة إلينا فينا، نتحول إلى أشخاص اعتمادية، لا تمتلك القدر الكافي من الثقة بالنفس للدرجة التي تغنيها عن الاعتماد على مدح الآخرين وإثنائهم وتتأذي أذى شديد من ذمها. وبمرور الوقت، قد تفقد القدرة على إيجاد التوازن بين آرائهم المخالفة لهم وبين ما تراه مناسباً من وجهة نظرها. هذا الاختلال يؤثر بشكل مباشر في علاقاتنا نحن بأنفسنا ويفقدنا الثقة ويصيبنا بالإحباط.
وبهذا أوجه نصيحتي للسائل بأن عليك إيجاد التوازن بداخلك وأن تضع اهتمامك بآراء من حولك في مكانة متوسطة فلا تصبح آرائهم ذات قوة مؤثرة على حالتك النفسية لتلك الدرجة ولا تصد أذنك عن نصائحهم بشكل كامل. وعليك أيضاً أن تحمي نفسك من الإحباط حتى وإن لزم الأمر التوجه إلي مستشار أو أخصائي حتى تأخذ رأياً آخراً حيادياً يستقر به قلبك للصواب الأنسب لك. وأما عن دفع الأذى، فيمكنك مبدئياً أن تنتق ما تخبر به الناس وتنتقي أيضاً من الذي تخبره عن حياتك. وثانياً، عليك أن تبحث عن قوتك الداخلية لتعبر بها عن اعتراضك وتوفض بيها تصديق آرائهم بك. هذا الأمر من شأنه أن يعيد لك ثقتك بنفسك ويصلح علاقتك بذاتك فيهدأ قلبك وتستقر حياتك.