بعد تسعة وخمسين شهرا من الهجرة، بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال سيد أهل اليمامة ولا يشعرون من هو حتى أتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «أتدرون من أخذتم؟ هذا ثمامة بن أثال الحنفي، أحسنوا إساره» . فربطوه بسارية من سواري المسجد» .
وكان ثمامة رسول مسيلمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك وأراد اغتياله، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه تبارك وتعالى أن يمكنه منه، فدخل المدينة معتمرا وهو مشرك فدخل المدينة حتى تحير فيها فأخذ.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي ثمامة فيقول له: «ما عندك يا ثمامة؟» فيقول: «عندي خير يا محمد»، فيقول: «أيها يا محمد، إن تقتل تقتل ذا دم وإن تنعم تنعم على شاكر وإن ترد الفداء فسل منه ما شئت» .
فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان الغد فقال: «ما عندك يا ثمامة؟» قال: عندي ما قلت لك.
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورهافقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أطلقوا ثمامة» فأطلقوه فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال: «أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، يا محمد والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إلي، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك فأصبح دينك أحب الدين كله إلي، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إلي، وإن خليلك أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى؟».
فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر، فلما أسلم جاءوه بما كانوا يأتونه به من الطعام وباللقحة فلم يصب من حلابها إلا يسيرا فعجب المسلمون من ذلك.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه ذلك : «مما تعجبون؟ أمن رجل أكل أول النهار في معى كافر وأكل في آخر النهار في معى مسلم؟ إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء وإن المسلم يأكل في معى واحد» .
كما روي أنه خرج معتمرا حتى إذا كان ببطن مكة لبّى فكان أول من دخل مكة يلبي.
فأخذته قريش فقالوا: لقد اجترأت علينا، فلما قدموه ليضربوا عنقه قال قائل منهم: دعوه فإنكم تحتاجون إلى اليمامة لطعامكم فخلوه.
وقالوا: أصبوت يا ثمامة؟ فقال: لا ولكني أسلمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اتبعت خير دين، دين محمد وو الله لا تصل إليكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم خرج إلى اليمامة فمنعهم أن يحملوا منها شيئا إلى مكة حتى تفشت المجاعة في قريش.
فجاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي رواية قال: «ألست تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين؟» قال: «بلى» . قال: «فقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع» .
. فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه أن يخلي بينهم وبين الحمل، وأنزل الله عز وجل: "ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون".