لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم التوجه إلى مكة بعث أبا قتادة الحارث بن ربعي رضي الله تعالى عنه في ثمانية نفر إلى بطن إضم ليظن ظان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توجه إلى تلك الناحية ولأن تذهب بذلك الأخبار، حتى يباغت أ
هل مكة.
يقول قتادة رضي الله تعالى عنه : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إضم في نفر من المسلمين أميرنا أبو قتادة الحارث بن ربعي وفينا محلم بن جثامة الليثي وأنا، فخرجنا حتى إذا كنا ببطن إضم مر بنا عامر بن الأضبط الأشجعي على جمل له ومعه متاع له وطعام من لبن.
قال: فلما مر بنا سلم علينا بتحية الإسلام فأمسكنا عنه، وحمل عليه محلم بن جثامة فقتله لشيء كان بينه وبينه وسلبه بعيره ومتاعه. فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرناه الخبر نزل فينا: "يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة".
فانصرف القوم ولم يلقوا جمعا حتى انتهوا إلى ذي خشب، فبلغهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه إلى مكة فلحقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لمحلم: «أقتلته بعد ما قال آمنت بالله؟» .
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورهاوفي رواية: وجاء محلم في بردين، فجلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقتلته بعد ما قال إني مسلم؟».
قال: يا رسول الله إنما قالها متعوذا. قال: «أفلا شققت عن قلبه؟» قال: لم يا رسول الله؟ قال:«لتعلم أصادق هو أم كاذب» .
قال: وكنت عالما بذلك يا رسول الله، هل قلبه إلا مضغة من لحم؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما كان ينبئ عنه لسانه» . فقال: استغفر لي يا رسول الله. فقال: «لا غفر الله لك»، فقام وهو يتلقى دموعه ببرديه، فما مضت سابعة حتى مات.
فما لبث أن مات فحفر له أصحابه، فأصبح وقد لفظته الأرض، ثم عادوا وحفروا له فأصبح وقد لفظته الأرض إلى جنب قبره، فلا يعلم كم مرة دفناه مرتين أو ثلاثا.. وكل ذلك لا تقبله الأرض.
فجاؤوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له فقال: «إن الأرض تقبل من هو شر من صاحبكم ولكن الله تعالى يريد أن يعظكم فأخذوا برجليه فألقوه في بعض الشعاب وألقوا عليه الحجارة.