كان صحابة النبي صلى الله عليه وسلم يحبون أسئلة الأعراب للنبي عليه السلام، حيث كان الصحابة يستحون أن يسألوا الرسول في بعض المسائل إجلالا وحياء منه.
ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك وكانت سنة تسع قدم عليه وفد بني فزارة، بضعة عشر رجلا، فيهم خارجة بن حصن، والحر بن قيس بن حصن وهو أصغرهم، حيث جاءوا مقرين بالإسلام، فنزلوا دار رملة بنت الحديث.
وسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بلادهم، فقال أحدهم: يا رسول الله، أجدبت بلادنا، وهلكت مواشينا، .. فادع لنا ربك يغيثنا، واشفع لنا إلى ربك، وليشفع لنا ربك إليك.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سبحان الله، ويلك، هذا أنا أشفع إلى ربي عز وجل فمن ذا الذي يشفع ربنا إليه؟ لا إله إلا هو العلي العظيم وسع كرسيه السموات والأرض فهي تئط من عظمته وجلاله كما يئط الرحل الجديد".
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل ليضحك من حالكم وقرب غياثكم.
فقال الأعرابي: يا رسول الله، ويضحك ربنا عز وجل؟ فقال: نعم.
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورهافقال الأعرابي: لن نعدمك من رب يضحك خيرا، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله، وصعد المنبر فتكلم بكلمات، وكان لا يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الاستسقاء.
فرفع يديه حتى رئي بياض إبطيه وكان مما حفظ من دعائه: " اللهم اسق بلادك وبهائمك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت، اللهم اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مريئا طبقا واسعا، عاجلا غير آجل، نافعا غير ضار، اللهم اسقنا رحمة ولا تسقنا عذابا ولا هدما ولا غرقا ولا محقا، اللهم اسقنا الغيث وانصرنا على الأعداء".
فقام أبو لبابة بن عبد المنذر الأنصاري رضي الله تعالى عنه فقال: يا رسول الله، التمر في المربد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اسقنا» فعاد أبو لبابة لقوله، وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم لدعائه.
فعاد أبو لبابة أيضا فقال: التمر في المربد يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اسقنا حتى يقوم أبو لبابة عريانا يسد ثعلب مربده بإزاره» .
قالوا: ولا والله ما نرى السماء من سحاب ولا قزعة وما بيننا وبين جبل سلع من بيت ولا دار، فطلعت من وراء سلع سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت. قال: فلا والله ما رأينا الشمس سبتا. وقام أبو لبابة عريانا يسد ثعلب مربده بإزاره لئلا يخرج التمر منه.