يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» ( الأعراف 180)، هناك بعض أسماء الله الحسنى التي يغفل الناس عن معناها، وكيفية استخدامها، ومن تلك الأسماء.. اسم الله عز وجل الباعث..
والباعث عند العلماء هو القادر على إعادة البعث لقوم ما أو شيء ما مرة أخرى بعد انتهاءه أو موته، كقوله تعالى: «ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» (لبقرة: 56)، وقوله أيضًا: «قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ»
(يس: 52)، وأيضًا يعني الإرسال في طلب أمر ما، أو لتحقيق أمر ما، كقوله تعالى: «ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ» (الأعراف:103).
الدعاء باسم الله الباعث
ما يهمنا هنا هو أن كثير من الناس يغفلون عن الدعاء لله عز وجل باسمه الباعث، مع أنه من الأسماء التي قدرها العلماء يحب الله سماعها من عباده، إذن هي من الأسماء التي يستجيب بها الله تعالى النداء، قال تعالى: «إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ» (الأنعام:36).
يدلل العلماء على أن اسم الله الباعث من الأسماء المحببة إليه سبحانه، والتي بها يستجيب الدعاء، بأنه الاسم الذي يعني أن الله القادر على كل شيء، يخلق ما يشاء، ثم يميت ما يشاء، ثم يبعثه مجددًا وقتما شاء، قال تعالى: «وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُورِ» (الحج:7)، أي أنك تسأل الله باسم عظيم، يدلل على أنه الملك.. ملك السموات والأرض، وأيضًا مالك يوم الدين، بما أنه بيده القدرة على البعث مجددًا، ومن بيده ذلك سوى الله عز وجل؟.. بالتأكيد لا أحد.
اقرأ أيضا:
السب واللعن سبب في الخلاف وضياع الحسنات والوقار.. كف نبتعد عنه؟موت القلوب
البعث مرتبط بالموت، وبالتأكيد هناك أحياء يحملون قلوبًا ميتة، أي بعيدة عن منهج عز وجل، فمن يحييها؟.. بالتأكيد البعث لكل شيء خلقه، وهو الله عز وجل، فإذا كان أحدهم كذلك فليسأل الله عز وجل أن يبعث قلبه من جديد، ويرزقه الحياة الحقيقية، وهي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل، والاستعداد ليوم الرحيل.
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: جاء العاص بن وائل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعظم حائل ففته بيده فقال يا محمد، يحيي الله هذا بعد ما أرم؟ قال: «نعم يبعث الله هذا ثم يميتك ثم يحييك ثم يدخلك نار جهنم»، فنزلت الآيات من آخر سورة يس «أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ» (يس:77).