كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرف مكانة الناس ويقدرهم، ويعرف قدر الشريف وأصحاب الهيئات.
إن أتاكم كريم قوم فأكرموه
يقول جرير بن عبد الله- رضي الله تعالى عنه- : لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أتيت لأبايعه، قال: ما جاء بك يا جرير، قلت: لأسلم على يديك، قال: فألقى إلي كساء، ثم أقبل على أصحابه فقال: «إن أتاكم كريم قوم فأكرموه».
ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض بيوته فامتلأ البيت فقعد جرير خارج البيت، فأبصره رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ ثوبه ورمى به إليه، وقال: اجلس على هذا فأخذه جرير فوضعه على وجهه وقبّله.
وعن أشياخ من طيء قالوا: إن عدي بن حاتم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم عليه، وهو في المسجد، فقال: من الرجل؟
قال عدي بن حاتم: فانطلق به إلى بيته وألقى إليه وسادة محشوة بليف، وقال: «اجلس عليها» فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأرض، وعرض عليه الإسلام، فأسلم عدي، واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقات قومه.
وعن عكرمة بن أبي جهل- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوم جئته «مرحبا بالراكب المهاجر».
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورهافرش رداءه لحفيد ابرهة
وعندما جاء أبرهة بن شرحبيل بن أبرهة بن الصباح الأصبحي الحميري، وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ففرش له رداءه، وكان يعد من الحكماء.
وقال صفوان بن أمية : لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وإنه لمن أبغض الناس إليّ، فما زال يعطيني حتى إنه لأحب الناس إليّ.
يقول أنس- رضي الله تعالى عنه-: كان الرجل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم لشيء يعطاه من الدنيا، فلا يمشي حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما فيها.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي الناس ليتألف قلوبهم .
يقول الإمام ابن الجوزي: اعلم أن من المؤلفة قلوبهم ما تألفوا في بدء إسلامهم ثم تمكن الإسلام من قلوبهم، فخرجوا بذلك عن حد المؤلفة، وإنما ذكرهم العلماء في المؤلفة باعتبار ابتداء أحوالهم، وفيهم من لم يعلم منه حسن إسلامه والظاهر بقاؤه على حال الناس، ولا يمكننا أن نفرق بين من حسن إسلامه وبين من لم يحسن إسلامه، لجواز أن يكون من ظننا به الشر على خلاف ذلك، وأن الإنسان قد يتغير حاله، ولا ينقل إلينا أمره فالواجب أن نظن بكل من سمعنا عنه الإسلام خيرا.