كلنا نخاف المرض ونحاول تلافيه وتلافي آثاره المعيقة والمزعجة، ولكن بعض الناس تتراوح نسبتهم من 2 إلى 10 % لديهم ما يسمى باضطراب قلق المرض
Illness Anxiety Disorder، فهم مشغولون بفكرة
المرض طول الوقت أو معظم الوقت، ويعتقدون أنهم قد يكونون مصابين بمرض خطير، ولهذا يكثرون من التردد على عيادات الأطباء وعلى المستشفيات ومراكز الأشعة ومعامل التحاليل، وهم لا يصلون إلى حالة من الطمأنينة أبدا بل تزداد مخاوفهم مع الوقت ومع كثرة الفحوصات الطبية. وتزداد نسبة هؤلاء المرضى في زمن الأوبئة وانتشار أمراض بعينها، خاصة مع زيادة الحديث في وسائل الإعلام عن أعراض المرض ومخاطره والمحاذير المطلوبة تجاهه.
وأكثر ما يخشاه هؤلاء الأشخاص أمراض القلب، ومرض الإيدز ، وفيروسات الكبد، والأمراض الوبائية مثل إنفلونزا الطيور أو الكورونا أو غيرها، وهؤلاء المرضى يبالغون كثيرا في تقدير المخاطر والمضاعفات، ويبالغون في المحاذير بالدرجة التي تعيق استمرار حياتهم الطبيعية فربما يمتنعون عن زيارة المرضى من أقاربهم، أو يتجنبون مصافحة الناس، أو يبالغون في النظافة والتطهير والتعقيم، أو يمتنعون عن التواجد وسط الناس أو حتى الذهاب للدراسة أو العمل.
وتتحول المخاوف من المرض في بعضهم إلى انشغال
وسواسي بفكرة المرض، فيقرأون كثيرا عن الأمراض ويتصفحون الإنترنت بحثا عن معلومات عنها، ويتابعون البرامج التي تتحدث عن الأمراض، وكلما قرأوا أو سمعوا عن مرض اعتقدوا أنهم مصابين به، وقد تظهر عليهم بعض أعراضه نتيجة الإيحاء الذاتي.
وقد يتوقع البعض أن انشغال هؤلاء الناس بفكرة المرض، والخوف من العجز، أو الموت قد يدفعهم للقرب من الله أو تحسين سلوكهم، أو التوبة عن ذنوبهم، أو التوجه لفعل الخير، ولكن هذا لا يحدث غالبا، لأن الشخص يكون مشغولا ومهموما بفكرة واحدة فقط، وهي إصابته بالمرض، وكيف يتلافاه، أو يعالج منه، على الرغم من أن هذا المرض ليس له وجود في الواقع، ولهذا كانت تسمى هذه الحالة قبل ذلك في التقسيمات المرضية
"اضطراب توهم المرض
"، أو
"المراق المرضي
" Hypochondriasis.
وهذه الحالة تعكس درجة عالية من القلق الداخلي في النفس، تتجسد في صورة القلق من المرض، والعلاج الطبي يكون في صورة مضادات القلق، إضافة للعلاج النفسي الذي يصحح المفاهيم المغلوطة حول المرض وأسبابه، ويرشد المخاوف المبالغ فيها، ويساعد المريض على التوجه باهتماماته وأفكاره وجهده نحو أشياء نافعة كالدراسة والعمل والهوايات المفيدة، والانتظام في العبادات، وكلها أشياء تعيد تنظيم نشاطات المريض بعيدا عن الأفكار المرضية.
ولنتذكر دائما قول الله تعالى :
"قل لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا
"، وقول رسوله صلى الله عليه وسلم
"ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك
".
د.محمد المهدي
أستاذ الطب النفسي-جامعة الأزهر
*بتصرف يسير
اقرأ أيضا:
زوجتي طفلة كلما غضبت خاصمتني وذهبت لبيت أهلها.. ماذا أفعل؟ اقرأ أيضا:
صديقتي تريد الانتحار وأهلها رافضون ذهابها إلى طبيب نفسي .. كيف أنقذها؟