أخبار

أفضل وقت لتناول وجبة الإفطار.. يساعدك على إنقاص الوزن والعيش لفترة أطول

متى يكون الصداع علامة على مرض خطير؟

أعظم وصية نبوية..وسيلة سهلة لدخول الجنة

ما المسجد الأقصى.. ولماذا يدافع المسلمون عنه؟

العدس غذاء ودواء.. لماذا نحرص على تناوله في فصل الشتاء؟

حتى يؤتيك الله من فضله.. عليك بهذه الأمور

بشارات نبوية للأمة المحمدية.. هؤلاء يدخلون الجنة بلا حساب

خزائن الله لاتنفد.. لماذا يعاني البشر من التعاسة رغم التقدم العلمي؟ (الشعراوي يجيب)

10طاعات تؤمن لك الوصول لمعية الله .. ليس كمثلها معية

حيوية الحوار.. كيف تصنع من نفسك خطيبًا مفوهًا ومتحدثًا ممتعًا؟

"زنا المحارم".. لماذ يحدث وكيف تنتكس الفطرة؟!

بقلم | ناهد إمام | الخميس 11 فبراير 2021 - 06:24 م

هناك اتفاق في جميع الأديان،  وفي الغالبية الساحقة للقوانين،  والثقافات،  على تحريم وتجريم "زنا المحارم"،  وما دونه من تحرشات جنسية،  أو هتك للعرض،  وذلك لأسباب كثيرة،  من أهمها،  أن الأسرة هي اللبنة الأساسية في الحياة الاجتماعية،  وفيها ومن خلالها تتم كل عمليات التربية للإنسان (أكرم المخلوقات)، ولكي تقوم الأسرة بوظيفتها التربوية الهامة،  لابد من وجود أدوار،  محددة،  وواضحة،  كالأب،  والأم،  والأبناء،  والبنات،  والعم،  والخال،  والجد.....الخ،  في إطار منظومة قيمية،  وأخلاقية،  وعملية،  تضمن القيام بهذه الأدوار على خير وجه،  بما يؤدي إلى نمو صحي،  ومتناغم،  لكل أفراد الأسرة على المستويات الجسدية والنفسية والاجتماعية والروحية.

وزنا المحارم،  يؤدي إلى تداخل الأدوار،  وتشوهها،  واختلال منظومة الأسرة وسقوط، وانهيار الميزان القيمي والأخلاقي،  وتصدع الرموز الوالدية، فتصبح الإبنة بمثابة زوجة لأبيها،  وضرة لأمها،  وزوجة أب لإخوتها،  أو يصبح الابن زوجًا لأمه وندًا لأبيه وزوجًا لأم إخوته!

وتحدث استقطابات حادة في العلاقات داخل الأسرة،  حيث تستحوذ الإبنة المتورطة على الأب أو يستحوذ الابن على الأم دون بقية الإخوة والأخوات،  وهكذا تضطرب الأدوار،  والعلاقات،  وتغيب معها كل معاني الحب،  والإيثار،  والتراحم،  والمودة ويحل محلها الغيرة،  والتصارع،  والاستحواذ،  والكراهية،  والحقد،  والرفض والاشمئزاز،  والحيرة،  والغضب،  والتشوش،  والتناقض.

وإذا حدث هذا وسقط النظام داخل الأسرة،  وامتد ذلك الأمر إلى مزيد من الأسر،  فإن ذلك إيذان بانهيار المجتمع الذي تشكل الأسر لبناته الأساسية،  يضاف إلى ذلك ما ينشأ من تلوث بيولوجي (اضطراب الجينات وتداخل الأنساب) وتلوث نفسي وأخلاقي واجتماعي وانهيار روحي.

ولا يقلل من كل هذا ادعاءات البعض بأن زنا المحارم كان مقبولًا في بعض الثقافات والمجتمعات البدائية،  بل إننا نقول لهم أن هذا الأمر كان أحد أهم أسباب انهيار ثقافات وحضارات استشرى فيها هذا الوباء وغيره،  وأن وجوده في مجتمعات بدائية لا يغرى بتقبله بل يدفع لاستهجانه.

تعريفات هامة:

هناك الكثير من أشكال العلاقات الجسدية والجنسية تحدث بين ذوى المحارم،  لذلك وجب التفرقة بينها من خلال تعريفات محددة كالتالي:

* الزنا: هو تغييب البالغ العاقل حشفة ذكره في فرج امرأة عمدا بلا شبهة, سواء أنزل أو لم ينزل.

* هتك العرض: كل فعل يكون فيه مساس بجسم المجني عليها (أو عليه) يدخل في معنى هتك العرض ويعاقب عليه بعقوبات تقل عن عقوبات الزنا.

* زنا المحارم: هو علاقة زنا بذوي (أو ذوات) المحارم.

وكلمة ذوى المحارم ترد في المراجع العلمية بمعنى من تربطهم بالشخص قرابة دم،  وتترك لكل ثقافة تحددها حسب معتقداته وتوجهاتها.

 وفى تعريف أكثر شمولًا يوصف زنا المحارم بأنه أي علاقة جنسية كاملة (أي تشمل الإيلاج) بين شخصين تربطهما قرابة تمنع العلاقة الجنسية بينهما طبقًا لمعايير ثقافية أو دينية،  وعلى هذا تعتبر العلاقة بين زوج الأم وابنة زوجته علاقة محرمة على الرغم من عدم وجود رابطة دم بينهما.

 وفى الثقافة العربية والإسلامية تحدد ذوى المحارم في آيات واضحات في القرآن الكريم (نترك للقارئ مراجعتها في مواضعها في سورة النور وغيرها).

 

أنماط زنا المحارم

الآباء،  أو أزواج الأمهات،  أو الأخوال،  أو الأعمام،  أو الإخوة الأكبر ينتهكون عرض الأطفال في الأسرة،  الأم السلبية أو المريضة نفسيًا،  أو مضطربة الوعي أو الشخصية،  أو الابنة التي تأخذ الدور الأمومي في الأسرة،  أو الأب المدمن،  كل هؤلاء معرضون للتورط في زنا المحارم.

 

وبما أن علاقة الأم بالابن هي أكثر العلاقات احترامًا وتحريمًا في كل الثقافات لذا نجد أن زنا الابن بالأم (أو العكس) هي أكثر حالات زنا المحارم ندرة على مستوى العالم،  وعلى وجه العموم تشير أغلب الدراسات إلى أن الفتيات أكثر تعرضًا للتحرشات الجنسية من الفتيان.


زنا المحارم .. الأب وابنته نموذجًا


وأكثر الأنماط شيوعا هو علاقة الأب بابنته حيث تشكل 75% من الحالات التي تم الإبلاغ عنها،  وفى هذه العلاقة يلاحظ أن الابنة تكون قريبة جدًا من أبيها منذ طفولتها المبكرة،  وهي تسعد بالإستحواذ عليه،  وتبعده عن أمها،  وبقية إخوتها وبالتالي تحدث غيرة شديدة من الجميع تجاهها،  وبغض لها وللأب،  الذي يصبح متحيزًا لها ضد بقية أفراد الأسرة،  وأحيانًا تتورط هذه الإبنة في علاقة أخرى بأحد الإخوة الأكبر،  لضمان السيطرة على ذكور الأسرة،  أو تمتد بعلاقاتها خارج نطاق الأسرة مطمئنة إلى أن رموز الضبط والربط (الوالد والأخ الأكبر متورطين معها فيما يجب أن يمنعانها منه).

وغالبا ما تبدأ العلاقة بين الأب وابنته في سن العاشرة من عمرها بتحرشات جسدية تشبه المداعبة،  ثم تزداد شيئًا فشيئًا حتى تصل إلى العلاقة الكاملة،  وهنا تصاب البنت بحالة من التشوش والارتباك والحيرة خاصة حين تصل إلى سن المراهقة فهي لا تعرف إن كانت ابنة أم زوجة،  وهي أحيانا تسعد بتلك العلاقة الخاصة وتستعلي بها على أمها وإخوتها وأحيانا أخرى تشعر بالخوف والاشمئزاز من نفسها ومن أبيها.

أما الأم فتحاول إنكار ما تراه من شواهد أو تكون غير مصدقة لما يحدث،  أو تحاول التستر لكي لا تنهار الأسرة،  أو تخرج عدوانها تجاه ابنتها والتي تلعب في هذه الحالة دور غريمتها وفى كل الحالات تتصدع الروابط الأسرية وتضطرب الأدوار.

ونرى أن الابنة –في حالة رغبتها في الإفصاح أو الشكوى– تخشى من بطش والدها أو عدم تصديق أفراد الأسرة لها أو اتهامها بالجنون،  ولذلك تتكتم الأمر وتعانى في صمت،  أما الأب فإنه يصر على الاستحواذ على الابنة فيعطل نموها النفسي ويعطل زواجها وتعليمها وعملها لكي يستبقيها داخل إطار البيت قريبة منه.

ويلي هذه العلاقة ما يحدث بين الإخوة والأخوات،  ويلاحظ وجود أعداد غير قليلة من العلاقات بين الإخوة والأخوات ولكن الآباء يقومون بالتستر عليها أو إنكارها والتعامل معها من خلال السلطة الوالدية بعيدا عن القانون.

وقد وجد أن ثلث من وقع عليهم اعتداءات جنسية كانوا تحت سن التاسعة من عمرهم،  وأن أكثر الحالات قد تم رصدها كانت في الأماكن الأكثر ازدحامًا والأكثر فقرًا والأدنى في المستويات الاجتماعية،  وهذه الزيادة ربما تكون حقيقية بسبب التلاصق الجسدي في هذه البيئات المزدحمة أو تكون بسبب وجود هذه الفئات تحت مجهر الهيئات الاجتماعية والبحثية أكثر من البيئات الأغنى أو الطبقات الاجتماعية الأعلى والتي يمكن أن يحدث فيها زنا محارم في صمت وبعيدا عن رصد الجهات القانونية والبحثية.


وهناك عوامل اجتماعية وعوامل نفسية وعوامل بيولوجية تلعب دورًا في كسر حاجز التحريم الجنسي،  فينفلت هذا النشاط ويتجه اتجاهات غير مقبولة دينيًا أو ثقافيا،  فزنا المحارم يرتبط بشكل واضح بإدمان الكحول والمخدرات،  والتكدس السكاني،  والأسر المعزولة عن المجتمع (أو ذات العلاقات الداخلية بشكل واضح)،  والأشخاص المضطربين نفسيًا أو المتخلفين عقليًا.

 والمبادرة غالبًا ما تأتى من ذكور أكبر سنًا تجاه أطفال (ذكور أو إناث) ومن هنا يحدث تداخل بين زنا المحارم وبين الاغتصاب (المواقعة الجنسية ضد رغبة الضحية)،  وإن كان هذا لا يمنع من وجود إغواء من الإناث أو الأطفال أحيانا.

ويمكن رصد ثلاث أنماط أساسية في حالات زنا المحارم بناءً على المشاعر الناتجة عن هذا السلوك كما يلي:

1– النمط الغاضب

 حيث تكون هناك مشاعر غضب من الضحية تجاه الجاني،  وهذا يحدث حين تكون الضحية قد أجبرت تماما على هذا الفعل دون أن يكون لديها أي قدرة على الاختيار أو المقاومة أو الرفض, ومن هنا تحمل الضحية مشاعر الغضب والرغبة في الانتقام من الجاني. 

وربما يعمم الغضب تجاه كل أفراد جنس الجاني،  ولذلك تفشل في علاقتها بزوجها وتنفر من العلاقة الجنسية ومن كل ما يحيط بها،  وتصاب بحالة من البرود الجنسي ربما تحاول تجاوزها أو الخروج منها بالانغماس في علاقات جنسية متعددة،  أو أنها تتعلم أن السيطرة على الرجال تتم من خلال هذا الأمر فتصبح العلاقة الجنسية برجل نوع من سلبه قوته وقدرته،  بل والسيطرة عليه وسلب أمواله،  وقد تبين من الدراسات أن 37% من البغايا كنّ فريسة لزنا المحارم, وهذا يوضح العلاقة بين هذا وذاك.

2– النمط الحزين

 وفي هذه الحالة نجد أن الضحية تشعر بأنها مسئولة عما حدث،  إما بتهيئتها له أو عدم رفضها،  أو عدم إبداء المقاومة المطلوبة،  أو أنها حاولت الاستفادة من هذا الوضع بالحصول على الهدايا والأموال، أو بأن تتبوأ مكانة خاصة في الأسرة باستحواذها على الأب أو الأخ الأكبر،  وهنا تشعر بالذنب ويتوجه عدوانها نحو ذاتها،  وربما تقوم بمحاولات لإيذاء الذات كأن تحدث جروحًا أو خدوشًا في أماكن مختلفة من جسدها،  أو تحاول الانتحار من وقت لآخر أو تتمنى الموت على الأقل،  وتكون لديها كراهية شديدة لنفسها.

3– النمط المختلط 

 وفيه تختلط مشاعر الحزن بالغضب.


العوامل المساعدة على حدوث زنا المحارم 

1- عوامل أخلاقي
ضعف النظام الأخلاقي داخل الأسرة،  أو بلغة علم النفس ضعف الأنا الأعلى (الضمير) لدى بعض أفراد الأسرة أو كلهم،  وفى هذه الأسرة نجد بعض الظواهر ومنها اعتياد أفرادها خاصة النساء والفتيات على ارتداء ملابس كاشفة أو خليعة أمام بقية أفراد الأسرة، إضافة إلى اعتيادهم التفاعل الجسدي في معاملاتهم اليومية بشكل زائد عن المعتاد،  مع غياب الحدود والحواجز بين الجنسين،  وغياب الخصوصيات،  واقتحام الغرف المغلقة بلا استئذان،  وفى هذه الأسر نجد أن هناك ضعفًا في السلطة الوالدية لدى الأب أو الأم أو كليهم،  وهذا يؤدى إلى انهيار سلطة الضبط والربط،  وانهيار القانون الأسرى بشكل عام.

2- عوامل اقتصادية

مثل الفقر وتكدس الأسرة في غرفة واحدة،  أو في مساحة ضيقة مما يجعل العلاقات الجنسية بين الوالدين تتم على مسمع وأحيانًا على مرأى من الأبناء والبنات،  إضافة إلى ما يشيعه الفقر من حرمان من الكثير من الاحتياجات الأساسية،  والتي ربما يتم تعويضها جنسيًا داخل إطار الأسرة،  ويصاحب الفقر حالة من البطالة وتأخر سن الزواج،  والشعور بالتعاسة والشقاء مما يجعل التمسك بالقوانين الأخلاقية في أضعف الحالات.

وإذا عرفنا – من خلال تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء – أن 30% من الأسر في مصر تقيم في غرفة واحدة بمتوسط عدد أفراد سبعة،  فإن لنا أن نتصور ما يمكن أن يحدث بين هؤلاء الأفراد والذين يوجد فيهم الذكور كما توجد الإناث (دكتور / أحمد المجدوب 2003, زنا المحارم, مكتبة مدبولي ص 168)

3- عوامل نفسية

كأن يكون أحد أفراد الأسرة يعانى من مرض نفسي مثل الفصام،  أو الهوس،  أو اضطراب الشخصية،  أو التخلف العقلي،  أو إصابة عضوية بالمخ.

4- الإعلام

وما يبثه ليل نهار من مواد تشعل الإثارة الجنسية في مجتمع يعانى من الحرمان على مستويات متعددة.


 5- الإدمان
يعد تعاطي الكحوليات والمخدرات من أقوى العوامل المؤدية إلى زنا المحارم،  حيث تؤدى هذه المواد إلى حالة من اضطراب الوعي واضطراب الميزان القيمي والأخلاقي لدرجة يسهل معها انتهاك كل الحرمات.

د.محمد المهدي
أستاذ الطب النفسي- جامعة الأزهر
*بتصرف يسير







الكلمات المفتاحية

زنا المحارم تحرش هتك عرض علاقات أسرية اضطراب نفسي تشوه الشخصية تشوش

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled هناك اتفاق في جميع الأديان، وفي الغالبية الساحقة للقوانين، والثقافات، على تحريم وتجريم "زنا المحارم"، وما دونه من تحرشات جنسية، أو هتك للعرض، وذ