مرحبًا بك يا عزيزتي..
قلبي معك، أشعر بك وبمعاناتك، وصدمتك، وأنت محقة في أنك بالفعل لم تخرجي بعد من مراحل الصدمة على الرغم من طول المدة.
ليس هناك مدة محددة للتعافي من آثار الصدمة، والمرور بمراحلها، والتكيف مع الواقع، فهذا يختلف من شخص لآخر بحسب تكوينه النفسي، وقدرته على التعبير عن مشاعره والتعامل معها بطريقة صحية.
رفض فكرة الموت يا عزيزتي من العوامل التي تعيق قبول الأمر الواقع، فالحقيقة والأمر الواقع هو أننا جميعًا سنموت، فلو قبلنا أننا سنموت، سنقبل أن فلانًا مات، لذا هذه حقيقة تحتاج منك إلى "القبول".
تعبيرك عن مشاعرك -الذي قد يكون بالرسم أو الكتابة، أو الفضفضة مع صديقة منصتة ومريحة ولا تحكم عليك أو تلومك-، وقبولك لها، وعدم انكارك لها أو كبتها هو طريقك للتحرر منها، لذا لابد من احترام شعورك بالفقد، والحزن، والخوف، إلخ فهذه كلها مشاعر طبيعية مرتبطة بالحدث، هذا القبول والاحترام والتعبير سيعجل بتخفيف وطأة الحدث، والوصول تدريجيًا لانتهائه داخلك بصورة تلقائية، فساعدي نفسك بهذا.
وقصدت باحترام المشاعر ، الاقتراب منها، وعدم الهرب منها، أو مقاومتها، أو الحكم على نفسك بسببها،
من الحلول المساعدة لك أيضًا، السماح لنفسك بالانخراط وسط المحبين لك، والأقرباء منك، سواء كانوا من الأهل أو الاصدقاء أو غيرهم، من تشعرين معهم بالونس، والراحة، فانخرطي واستمتعي بجلساتك معهم وأوقاتك، لا تمنعي نفسك من الضحك والفرح بدعوى الحزن والحداد.
وكما ذكرت لك من قبل لابد من "قبول" الموت، قبول موتك أنت وأنه سيحدث، وبدلصا من الخوف، ادراك قيمة الحياة، والاستمتاع بأنفاسك التي ما زالت تتردد بين جنبيك، والتفكير في كيفية جعل هذه الحياة طيبة لك ولإبنتك، فهذا حقها عليك، لابد أن تنزلي إلى هذا الواقع وتفكري في أمر تربيتها وما تحتاجينه لإنجاز الأمر على ما يرام، وتذكر دورك كأم، وإنسانة، وربما ابنة، وأخت وخالة وعمة وصديقة وهكذا، هذه كلها أدوار مهمة لازالت باقية، وأنك لست مختزلة في دور الزوجة الذي خسرته الآن، وبل ربما يعوضك الله به مرة أخرى عاجلًا أو آجلًا، هكذا لابد أن تكون نظرتك للحياة، وطريقة تفكيرك بشأنها، وبمجرد أن تتغير طريقة التفكير ستتغير مشاعرك وتصرفاتك، فانتبهي.
هذه كلها وسائل مساعدة أحسبها بإمكانك يا عزيزتي، ولا بأس من طلب رفيق لرحلة التعافي من آثار الصدمة، فالمتخصص النفسي أو المتخصصة هو أفضل من يمكنه مساعدتك لإكمال رحلتك في الحياة بشكل أفضل، فلا زال أماك طريق طويل من التربية والرعاية لرضيعتك، وهذا يحتاج إلى أم متعافية، نفسيتها سوية، متوكلة على الله، ومحسنة للظن به، لا تنغصها مخاوف ولا تشوهات صدمية.
ودمت بكل خير ووعي وسكينة.