ومن الأمور التي تفهم أحيانا بوجه غير دقيق المفاضلة بين طاعة الزوج وطاعة الوالدين وأيهما نقدم.. وهذه الطاعة معروفة لكن بعض الزوجات تقدم طاعة زوجها على طاعة أبيها وامها وبعضهم يقد طاعة الوالدين عل الزوج ولذا يلزم بيان  فضل كل طاعة منهما على الأخرى وماذا يحدث عند التعارض.

إن من المعروف شرعا أن طاعة الوالدين واجبة وهي آكد من طاعة الزوج على زوجته لأسباب شرعية معلومة ذكرتها الأمانة العلمية لسؤال وجواب كالتالي: أن حق الوالدين ثابت بسبب متأصّل لا يزول وهو الرّحم فلا يسقط بحال ولو بموت أحدهما، إلا بردّة الوالد وخروجه من الإسلام، بخلاف حق الزوج فهو حق عارض بسبب العقد والميثاق الذي بينهما؛ فإذا حلّ هذا الميثاق، بطلاق أو خلع أو فسخ أو موت سقط حق الطاعة.

ومن اوجه تأكيد طاعة الوالدين عل طاعة الزوج أيضا أن حق الزوج ثبت بسبب العقد والميثاق، فإنه إذا قصّر الزوج أو ظلم أو فسق، جاز للزوجة أن تسقط طاعته بطلب حلّ هذا الميثاق بالخلع، أمّا الوالدان فبرّهما متأصل لا يمكن إسقاطه بسبب صدور نوع تقصير أو ظلم أو فسق منهما، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )، أيضا حق الزوج يختص بحال قيام الزوجية، وأمّا حق الوالدين وبرهما فيستمر إلى ما بعد موتهما، قال الله تعالى: ( وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ))>

ومما شرع الله في هذا وبرغم ما سبق بيانه من أن طاعة الوالدين آكد من طاعة الزوجة لزوجها فإنه على الزوجة أن تقدم طاعة الزوج على طاعة الوالدين لأن الزوج أعلى مكانة من الوالدين؛ بل لأن طاعته بالمعروف ثبتت بميثاق وعهد وعقد؛ ولا يجوز للمسلمة أن تنقض عهدا وميثاق غليظا؛ ولأن نظام الأسرة لا يستقيم إلا بذلك كما ذكرت، قال الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ )،وقد وردفي  السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ) رواه أبو داود.

وهذا بلا شك ليس تقليلا لحق الوالدين لكن في الزواج اعتبارات أخرى اجتماعية راعاها الإسلام لضمان استمرار الأسر وإلا تخربت البيت فتصير الزوجة كأنها لم تتزوج وتنتظر امر أبيها في كل أمورها دون زوجها ومن حكمة الوالدين ان يفهما ذلك جيدا بل ينصحاها بطاعة زوجه والإذعان له فيما يطلبه إن كان موافقا لطاعة الله ورسوله.

وإن أي خلل في هذا الأمر يتولد عنه خلل كبير في المجتمع  فإذا أمر الوالد ابنته بما يلزم منه عدم طاعتها لزوجها بالمعروف ، فقد أمرها بنقض هذا الميثاق والعقد؛ وهو أمر بمعصية؛ ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ( لاَ طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ ) رواه البخاري.