لا ينبغي للمؤمن أن يضع نفسه في موضع شك أو ريبة فإن فعل فلا يلومن من أساء الظن به.
وقد حرص الإسلام على كرامة المؤمن وجعل كرامته فوق كل اعتبار فلا تمتهن ولا يستعبد ولا يستذل بل دائما رافع الرأس عالي الشأن دون تكبر أو بطر.
ولقد كان من مواقفه صلى الله عليه وسلم أن يبين لأصحابه عدم الوقوع تحت وسوسة الشيطان التي تقود إلى إساءة الظن بل لا يقف المؤمن أبدا في مواقف التهم وإن اضطر فليبين فهذا رسول الله وهو المعصوم ضرب مثالا على نفسه في موقف غاية في الروعة والجمال فقد رواه البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين صفية بنت حيي رضي الله عنها: (أنها جاءتْ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَزورُه، وهو مُعْتَكِفٌ في المسجِد، في العَشْر الأواخرِ مِن رمَضان، فتَحَدَّثَت عنده ساعَة مِن العِشاء، ثم قامتْ تَنْقَلِب (ترجع إلى بيتها)، فقام معها النبي صلى الله عليه وسلم يَقْلِبُها (يردها و يمشي معها)، حتى إذا بلغت بابَ المسجد، الذي عِندَ مَسكَن أُمِّ سَلَمَة زَوْجِ النبي صلى الله عليه وسلم، مَرَّ بهِما رجلان مِنَ الأنْصارِ، فسَلَّما على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نَفَذا (أسرعا)، فقال لهما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: علَى رِسْلِكُما (مهلكما)، إنَّما هي صفيَّة بنتُ حُيَيٍّ، قالا: سبحان الله يا رسول الله، ـ وكَبُرَ عليهِما (عظُم و شقّ) ما قال ـ، قال صلى الله عليه وسلم: إنَّ الشَّيطان يَجْري مِن ابنِ آدَم مَبلَغ الدَّم، وإنّي خَشيتُ أنْ يَقذِف في قُلوبِكُما).
ولقد فعل النبي هذا بيانا لأمته من بعده وإلا فهو المعصوم صلى الله عليه وسلم فعل هذا خشية أن يلقى الشيطان في قلبيهما شيئاً، فيكون ذلك كفرا، أو يشتغلا بدفع هذه الوسوسة، بيّن لهما حقيقة الأمر، وقطع طريق الشك والوسوسة من الشيطان عنهما.
وعلى المؤمن في كل أحواله أن يبين لأحبابه وأصحاب الحقوق عليه موقفهما يفعله مما قد يظن فيه إثما حتى لا يدع الشيطان يوسوس للآخر، وهذا التشريع من روح الإسلام التي تشيع الأمن والأمان في المجتمع صيانة للأنفس والأرواح من العوارض والتهم.