في كل فترة يمنحنا الله عز وجل أيامًا للتقرب إليه، تكون فيها الحسنات أضعافًا مضاعفة، ومن هذه الأيام لاشك، العشر من ذي الحجة، لكن ماذا بعد أن انتهت هذه الأيام؟.. هل سنواصل العمل الصالح، أم أننا سنعود سريعًا إلى ما كنا عليه قبل ذلك، من فوضى وكسل في إتيان العبادات؟.. ألم ندري أن المداومة على الطاعات لها فضل عظيم وخصائص جليلة، منها أنها من صفات المؤمنين الجادين قال تعالى يوضح ذلك: « الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ » (المعارج: 23)، كما أنها، وهذا هو الأهم، وصية الله عز وجل لخير خلقه وهم الأنبياء صلوات ربنا سبحانه وسلامه عليهم، حيث جاء في القرآن قول نبي الله عيسى عليه السلام: « وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا » (مريم: 31).
الثبات على الطاعة
على كل مسلم أن يعي جيدًا أن الثبات على الطاعة إنما هو أمر إلهي، قال تعالى موجهًا حديثه إلى النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «اعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ » (الحجر: 99)، وليس في الأيام الفضليات سواء رمضان أو العشر من ذي الحجة فقط، وبالتالي فإن كل العبادات كالصلاة وغيرها واجبة على الإنسان ما دام عقله ثابتًا، فيصلي بحسب حاله، كما ثبت في صحيح البخاري عن عمران بن حصين رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جبب».
والثبات على العبادات والطاعة تجعل العبد قريبًا من الله عز وجل، بل ويحبه الله عز وجل حبًا جمًا، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصير، وكان يحجره بالليل فيصلي فيه، ويبسطه بالنهار فيجلس عليه، فجعل الناس يثوبون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون بصلاته حتى كثروا، فأقبل فقال: «يا أيها الناس، خذوا من الأعمال ما تطيقون؛ فإن الله لا يمل حتى تملوا، وإن أحب الأعمال إلى الله ما دام وإن قل».
اقرأ أيضا:
تعرف على أبسط الوسائل لحياة زوجية بلا خلافاتنبتة طيبة
تصور عزيزي المسلم أن أن التزامك بالأيام الطيبة كأنك تزرع نبتة طيبة، وترويها من حين لآخر، وبالتالي لاشك ستكبر وتنمو، وهكذا الدين يكبر وينمو بالاهتمام به ، وبالطاعات والعبادات، وبالاستمرارية في العمل الصالح، فكل عمل صالح يزيد الإيمان، وكل طاعة تأتي بغيرها، فعن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يَهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا».