يا من تغتر بما تملك.. اعلم يقينًا أن الله مالكك.. فالله عز وجل هو الملك وهو المليك، وهو الذي يملك كل شيء، ويملك كل من مَلَك أي شيء، ولمّ لا وهو الذي خلق كل شيء، وبيده كل شيء، ويدير وينظم كل شيئ (لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ ۖ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ).
وهو صاحب الأمر في كل شيء سبحانه وتعالى، قال تعالى يتحدث عن نفسه: «هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ » (الحشر: 23)، وقال أيضًا سبحانه وتعالى: «فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ» (طه: 114)، فيما ورد لفظ «المليك» في قوله تعالى: «إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ» (القمر: 54، 55).
بينما ورد لفظ «المالك» في قوله صلى الله عليه وسلم: «لا مالكَ إلا الله».. إذن في كل المعاني وفي كل صفات التملك، فهو الله وحده يملك كل شيء، حتى أنت نفسك يا من تغتر بما تملك، نفسك وكل ما تملك ملك الله عز وجل.
اظهار أخبار متعلقة
لا شريك له
الله عز وجل هو الملك الذي لا يمكن على الإطلاق أن ينازعه أحد في ملكه مهما كان، فهذا فرعون يتصور أن الأنهار تجري من تحته، بينما هو مجرد عبد من عباد الله عز وجل، فكانت النتيجة أن يأخذه الله أخذ عزيز مقتدر، وهذا النمرود يتصور أنه قادر على كل شيء، فيرسل الله (الملك) له مجرد ذبابة تقضي عليه، ليعلمه أنه مجرد (حقير) ليس له من دون الله من شيء أبدًا.
قال تعالى: «وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا» (الإسراء: 111)، فالملك الحقيقي لمن بدأ الخلق، وتفرد بالربوبية والتدبير، وهو الذي له الملك كله، وله الحكم كله، وإليه يرجع الأمرُ كله: «تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» (الملك: 1).
التعوذ بالملك
إذا أراد الإنسان، مهما كان يملك من خيرات الدنيا، أن يشعر بأنه يمتلك شيئًا، فليراجع نفسه، وليعلم أن الأمر كله بيد الله الجبار المتكبر الملك، قال تعالى: «لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» (التغابن: 1)، لذلك ليس على الإنسان إلا أن يتعوذ بالملك مما يريد، قال تعالى: «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ» (الناس: 1، 2).
فالله تعالى هو الملك والناس مملوكون له، ولذلك ترى الجمع الغفير والحشد الهائل الكبير من الحجاج لا يرددون إلا ما يؤكد أنهم عباد لله وأنه هو سبحانه الملك: «لبيك اللهم لبيك، لبَّيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملكَ، لا شريكَ لك».