كان بالمدينة رجل يقال له نعيمان، يصيب الشراب، فكان يؤتى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، فيضربونه بنعالهم، ويحْثون عليه التراب.
فلما كثر ذلك منه، قال له رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعنك الله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفعل، فإنه يحب الله ورسوله.
نعيمان الظريف:
وكان لا يدخل المدينة شيئا طريفا إلا اشترى منها ثم جاء إلى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! هذا أهديته لك، فإذا جاء صاحبه يطالب نعيمان بثمنه جاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
فقال: يا رسول الله، اعط هذا ثمن متاعه، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: أولم تهده إليّ؟ فيقول: يا رسول الله! إنه - والله - لم يكن ثمنه عندي، ولقد أحببت أن تأكله، فيضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأمر لصاحبه بثمنه.
اقرأ أيضا:
هل القلوب تصدأ .. وما الفرق بين "الران" و" الطبع" على القلب؟فوائد:
-وفي هذا الخبر يظهر فضل مكارم رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسن فكاهته وسعة خلقه.
- وكان النبي صلى الله عليه وسلم من أفكه الناس، وأنه كان يقول: " إني لأمزح ولا أقول إلا حقا "، وأنه قال: " إن الله تعالى لا يؤاخذ المزاح الصادق في مزاحه ".
- ونعيمان هذا ممن شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان كثير الدعابة بديع الممازحة، وجلده رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر، وكانت له على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم دعابات استحسنها الناس ويعجبون بها.
أظرف قصة لنعيمان:
روت السيدة أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: خرج أبو بكر الصديق قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعام في تجارة إلى بُصْرى ومعه نعيمان بن عمرو الأنصاي وسليط بن حرملة، وهما ممن شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان سليط بن حرملة على الزاد، وكان نعيمان مزّاحا، فقال لسليط، أطعمني، فقال: لا أطعمك حتى يأتي أبو بكر، فقال نعيمان لسليط: لأغيظنك.
فمروا بقوم فقال نعيمان لهم: أتشترون مني عبدا لي؟ قالوا: نعم، قال: إنه عبد له كلام، وهو قائل لكم لست بعبده وأنا ابن عمه، فإن كان إذا قال لكم ذلك تركتموه فلا تشتروه ولا تفسدوا علي عبدي، قالوا: لا، بل نشتريه ولا ننظر في قوله.
فاشتروه منه بعشر قلائص من الإبل، ثم جاءوا ليأخذوه فامتنع منهم، فوضعوا في عنقه عمامة، فقال: لا، إنه يستهزأ ولست بعبده، فقالوا: قد أخبرنا خبرك ولم يسمعوا كلامه.
فجاء أبو بكر الصديق فأخبروه الخبر، فأتبع القوم فأخبرهم أنه مزح، ورد عليهم القلائص وأخذ سليطا منهم، فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر فضحك من ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه سنة وأكثر.