مرحبًا بك يا عزيزي..
أحييك بحبك لأمك وحرصك على مشاعرها، وبرها، ولكن كل هذا لا علاقة له بضرورة استقلالك وبناء مستقبلك وسفرك.
نعم، فنحن وبكل أسف تعودنا هذا الخلط في بيئاتنا العربية، ربما هو بسبب العلاقة الوالدية التي يسيطر عليها الاعتمادية، وفي لغة أخرى كما وصفها الدكتور محمد طه أستاذ الطب النفسي "علاقة الحبل السري"، وهي علاقة مرضية بلاشك، تضرر طرفيها، وهما هنا أنت ووالدتك.
أنت يا عزيزي بالغ، راشد، تحتاج لصعود سلم النضج النفسي، والحياتي، ولم تعد ذلك الطفل الصغير المرتبط نجاحه في الحياة بوجود والدته إلى جواره.
ووالدتك أيضًا تحتاج إلى التدريب على أن تعيش لبعض الوقت وحدها، وتتعلم كيف تتعامل مع هذه الوحدة بشكل صحي، فالوحدة ليست وحشًا كاسرًا كمنا نظنها يا عزيزي، كما أنها قد تفرض علينا في كثير من الأحيان، فلو أن والدتك لم تنجب لأصبحت بعد وفاة والدك أرملة وحيدة، ولكنها ائتنست بنعمة وجودك فترة من حياتها ليست قليلة، ولكنها أيضصا يجب أن تعلم أن دوام الحال من المحال.
سافر يا عزيزي ولا تضع الفرصة، وفرّح نفسك ووالدتك بالترقي، والنضج، والكبران النفسي في الحياة، كما أن وسائل التواصل الإلكتروني الآن، لم تدع شخص وحيدًا، يمكنك التواصل كل ساعة معها عبر مكالمات الفيديو وطمأنتها عليك، والإطمئنان عليها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى شجع والدتك على ملء كل الفراغات في وقتها، وحسن استغلال طاقتها، والتواصل مع أصدقاء وتوسيع دائرة معارفها وأنشطتها واهتماماتها فالحياة واسعة وتستحق أن تعاش.
ودمت بكل خير ووعي وسكينة.