للأسف في دنيتنا هذه، تجد بعض الحقائق وقد تغيرت، فترى البعض يصف الصادق بالجنون، فقط لأنه صادق، بينما الكاذب يعتبرونه (فهلوي) رغم أنه كاذب، فإذا تعرضت لظلم كهذا من قبل واعتبروك مجنونًا فقط لأنك صادق، فتمسك أكثر بالصدق، ولا تجزع ولا تيأس.
فالأمر ليس بجديد، فالصادق يقولون عنه مجنون، بل أن خير الآنام وخير البشر، وخير من خلق الله عز وجل على الإطلاق وصف بالجنون والسحر، قال تعالى: «كَذَٰلِكَ مَآ أَتَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُواْ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ».. فهو إذن حال النبيين، فإياك أن تعبد مع الله إلهًا آخر، وكن أنت كما أنت ، لا كما يريدك من لا يرون الله.
هنا الله
إذا وضعت في هذا المأزق، عد إلى الله من فورك، ففي الآية السابقة، أراد الله عز وجل أن يربت على قلب نبيه الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم، فكما كذبت قريش نبيها محمدًا صلى الله عليه وسلم، وقالوا، هو شاعر أو ساحر أو مجنون، فعلت الأمم المكذبة رسلها من قبل قريش، فأحل الله بهم نقمته وغضبه، بل أن الأمر لم يتوقف عند ذلك، بل وصل التعدي على القرآن، ذاته.
قال تعالى: «وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ» (الحجر 6)، فتخيل أن الذي أنزل عليه الهدى من الله يوصف بهذه الأكاذيب، فقط لأنه أراد أن ينير لهم الطريق الحقيقي، طريق الله، وطريق الحق، فما بالك بك كبشر.. عليك أن تتخطى هذه المسألة، وأن تحسن الظن بالله، ولا تتوقف، لأنك مهما كنت لن تتعرض لمثل ما تعرض له حبيبك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم.
اقرأ أيضا:
أخطرها فتنة النساء والمال.. كيف تتعامل مع الفتن وتنقذ نفسك منها؟التزم العهد
عليك بالتزام العهد مع الله عز وجل، إياك والكذب، والزم الصدق، حتى لو قالوا فيك كل خبيث، قال تعالى : «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ» (الأحزاب / 23) ، والصدق نفسه بجميع معانيه يحتاج إلى إخلاص لله عز وجل ، وعمل بميثاق الله في عنق كل مسلم ، قال تعالى : «وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً * لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ » (الأحزاب/7 ، 8.
فإذا كان أهل الصدق سيُسألون ، فيكف يكون السؤال والحساب لأهل الكذب والنفاق ؟، ولما للصدق من رابطة قوية بالإيمان ، فقد أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقع من المؤمن ما لا يحمد من الصفات ، غير أنه نفى أن يكون المؤمن مظنة الوقوع في الكذب، لاستبعاد ذلك منه ، وقد سأل الصحابة فقالوا: يا رسول الله أيكون المؤمن جبانـًا ؟ قال : « نعم » ، فقيل له : أيكون المؤمن بخيلاً ؟ قال : « نعم »، قيل له : أيكون المؤمن كذابـًا ؟ قال : « لا ».