كانت للحبيب المصطفى ، صلى الله عليه وسلم ، العديد من الخصال حميدة ، وامتلك أسلوب غاية في الحكمة ، في تعامله مع المسلمين ، وغير المسلمين في إطار مساعيه لبناء مجتمع إسلامي قوي لا تشوبه الشوائب حيث كان صلي الله عليه وسلم لا يترك شاردة ولا واردة الا تناولها في إطار مساعيه لإصلاح المجتمع الإسلامي ،
تتعلق معارك النبي في هذا السياق عن وقائع مواجهة النبي ، صلى الله عليه وسلم ، للمنافقين ، وهم الذين يظهرون ، عكس ما يبطنون ، ويكنون للدعوة الإسلامية عامة ، وللنبي محمد خاصة ، كثيرًا من مشاعر البغضاء رغم ان الكثير منهم كانوا في الصفوف الأولي للدولة الإسلامية وبل كانوا لا يتركون فرصة للنيل منها والكيد للمجتمع الإسلامي .
قصة مواجهة النبي للمنافقين والعمل علي اجتثاث شأفتهم من المجتمع الإسلامي بدأت مع هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ، من مكة ، إلى المدينة ، حيث دخل العديد منهم ( أي أهل المدينة ) في الإسلام ، ومن هنا أخذت أعداد المسلمين ، تتزايد يومًا بعد يومٍ ، حتى أصبحوا قوة ، لا يمكن الاستهانة بها أبدًا ، وأصبحوا أكثر قدرة على مواجهة الأعداء ، ولكنهم وجدوا أنفسهم بصدد عداء جديد من نوعه ، لا يقتصر على كونه عداء بين المسلمين والكفار ، ولكن تعدى ذلك إلى وجود المنافقين ، ومن يدمرون الشر للدعوة الإسلامين ، بين صفوفهم .
الوقائع ظهرت بشكل جلي في مكة حيث انتصر المسلمون انتصارًا مهيبًا في موقعة بدر ، وحينما تبين تمكنهم غير المسبوق ، من قتل ، ومحاربة كفار قريش ، تبين لهم زعيم المنافقين ، عبدالله بن أبيّ بن سلول العوفي ، وكان لم يعلن إسلامه بعد ، ليس هذا فقط ، فإن نفسه أبت أن تؤمن بالله ورسوله أبدًا ، فكان يكن للدعوة الإسلامية أحقر المشاعر ، من كراهية ، وبغضاء ، وغل ، ولما أقر دين الإسلام لله عز وجل المساواة والعدل ، بين الناس جميعًا ، قضى بذلك على مكانته في المجتمع .
وكان عبالله بن سلول سيد أهل المدينة جميعهم ، وكانت زمام الأمور جميعها بين يديه هو ، ولأوامره يتبع القاصي والداني من أهل المدينة ، سواء أكان ظلمًا ، أم خداعًا ، فلما جاء الإسلام ، وجد الناس فيه صلاحهم ، ووجدوا أن الأمر لله تعالى ، ليس لأحد من العباد ، ووجدوا فيه المساواة العادلة بين الناس جميعًا ، فمن هنا عدل الناس عن اتباع أوامره ، والاهتمام بما يهذي ، فثار غضبه ، الذي لم يهدأ يومًا .
أاستراتيجية الحبيب المصطفى ، صلى الله عليه وسلم ، في مواجهة المنافقين كانت تجمع بين اللين والقوة فكان مما عرف به ، أنه لم يكن يؤاخذ المنافقين من القوم ، إلا إذا بدر منهم ما يدينهم ، رغم معرفته الكافية بما يكنون تجاه الدعوة الإسلامية ، لما أخبره الله به ، لكنه لم يرغب في إيذائهم بالدرجة الأولى ، بقدر ما كان يحاول أن إصلاح قلوبهم ، وكان حريصًا كل الحرص على مجادلتهم بالحجة والبرهان .
ولم يقتصر الأمر علي ذلك بل كان الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، في كثير من الأحيان ، يتغاضى عما يقابلونه به ، من الإساءة الظاهرة ، وكان يقابل ذلك جميعًا ، بالعفو ، والتغاضي عن إساءاتهم ، ويتقبل ممن يتقدم إليه بالاعتذار ، وإبداء الندم ، فكان نعم النبي ، وكان أسمى الرجال ، كثيرًا ما يصفح ، ويتجاوز عن الكثير من الأخطاء ، وكان كل ما يشغله أن ينشر الدين الإسلامي في أرجاء العالم كله ، حتى تعلو كلمة لا إله إلا الله ، ويهتدي الناس في العالم بأسره .
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورها ومما يظهر حكمة النبي في مواجهة الأمور ، أنه أثناء غزوة تبوك ، قام البعض ببناء مسجد الضرار ، لإحداث الشقاق ، والوقيعة بين المسلمين جيعًا ، فأمر النبي ، صلى الله عليه وسلم بهدمه ، حتى لا يتفرق المسلمون