حلقة1: منازل الروح ومناسك الحج وسر العلاقة العجيبة بين النحل والإحسان
قال الداعية الإسلامي، الدكتور عمرو خالد، إن هناك 7 منازل روحية، مرتبطة بـ 7 مناسك للحج، يجمعها فكرة الإحسان، وهو أن تعيش وتخرج أفضل ما عندك للناس، باستخدام المنازل السبع، وهي: منزلة التقوى، واليقين، والتوكل، والتسليم، والرضا، والعبودية، ومحبة الله عز وجل، والتي تجمعها منزلة الإحسان، إلى جانب 7 مناسك للحج وهي: الإحرام، والطواف والسعي، ويوم عرفة، ومزدلفة، ومنى، ورمي الجمرات، الذبح والحل وطواف الإفاضة، والتي تجمعها منزلة الإحسان أيضًا.
جاء ذلك في أولى حلقات برنامجه الجديد "منازل ومناسك"، الذي يقدمه على مدار الأيام العشر من شهر ذي الحجة، والتي يستضيف في كل حلقة شخصًا له مهنة مرتبطة بالمنازل، والمناسك، التي يتناولها بالشرح.
منزلة الإحسان وعلاقتها بالنحل
وحل محمود عبدالناصر صاحب منحل به 1000 خلية ضيفًا على الحلقة الأولى، التي جاءت تحت عنوان: "منزلة الإحسان وعلاقتها بالنحل"، للإجابة عن سؤال ما هي العلاقة بين النحل، وسورة النحل، والإحسان؟وكشف عبدالناصر عن طبيعة عمل النحل قائلًا: أعمل في مشروع النحل منذ 20 عامًا، وتعلمت من النحل أنه لا يوجد أي سبب يستطيع أن يوقف عمله؛ فالنحل دائم العمل باستمرار ويعطي إنتاًجا، حتى وإن كان الجو حارًا فتخرج للعمل والملكة والذكور والشغالات يأتون بالرحيق وحبوب اللقاح، والخلية تعطي متوسط نحو 8 كيلوغرامات من العسل المصفى".
وقال خالد: "سبحان الله يحكي لي فريق التصوير أنه حين يدخلون آلة التصوير داخل خليه النحل لتصويرها من الداخل فإن النحل يفسح لها الطريق ثم يبدأ بالعمل من جديد، ولا يتوقف سبحان الله نعم النحل ليس لديه كسل ويقطع مسافات كبيرة تصل إلى 7 كليومترات، حتى يأتوا بالرحيق وحبوب اللقاح".
وعرج خالد إلى الحديث عن منزلة الإحسان، قائلاً: "الإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه، وهو إحساس عميق كأنك تراه، وتستشعر أن الله يراك؛ فتصلي كأنك تراه، ومع الناس تخرج أفضل ما عندك، ومع الحياة مهما تعرضت لمشكلات؛ فإنك تعمل وتجتهد لتنجح وتبدع؛ فالإحسان أفضل فكرة وأجمل معنى في الإسلام"، مشيرًا إلى أن رحلة الحج هي رحلة إحسان في ذاتها.
وتابع: "الله سبحانه وتعالى بعدما أخبرنا بكل مناسك الحج ختم بقوله تعالى: "ولتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين"، كأنه يقول أنا أريد هذه الأيام العشر تعش فيها بالإحسان، فرحلة الحج عنوانها: الإحسان من أول الطواف يأتيك إحساس عميق كأنك ترى الله؛ لأنك تعلم أنك تطوف في الأرض والملائكة تطوف في السماء حول البيت المعمور وفوقهم عرش الرحمن".
الحج مرة واحدة في العمر
وأوضح خالد أن "الحج فريضة مرة واحدة فقط في العمر وباقي العبادات تتعدد، مثل الصلاة 5 مرات في اليوم، والزكاة مرة واحدة في الشهر، وكذا الصوم؛ وكأن الله يقول لك الحج فرصتك الوحيدة فلا تغامر بها ولا تضيعها، ولذلك أخرج أفضل ما عندك، فالحج معسكر أخلاقي، فلا تخطئ في أحد، ولا تجادل، حتى وأنت تحت الضغط؛ أخرج أفضل ما عندك؛ لذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "الحج المبرور -أي الحج بالإحسان- ليس له جزاء إلا الجنة"، ويقول أيضًا صلى الله عليه وسلم: "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه".واستدرك خالد ناصحًا الحجاج: "تحكم في أعصابك فالحج كله إحسان، مع الله تعبده وكأنك تراه، وأنت تطوف وترمي الجمرات، ومع الناس مهما فعلوا فيك؛ أخرج أفضل ما عندك، ومع الحياة فالحج رحلة شاقه جدًا فإياك أن تقف إن توقفت ضاعت المناسك، ولذلك عليك أن تكمل السبعة أيام باستمرار، فالحج مشقته عظيمة، وعليك أن تستمر بالحركة من هنا إلى هناك؛ منتهى المشقة داخل 40 كيلو متر، فالحج قمة الإحسان وكأن الحج عنوانه الإحسان".
ووجه خالد، رسالة إلى جموع المسلمين حول العالم، الذين لا يستطيعون الحج هذا العام، قائلًا: "عليك أن تنوي من الآن هذا اليوم الأول وحتى اليوم العاشر يوم العيد، بأن تخرج أفضل ما عندك فتعش خلال هذه الأيام بالإحسان؛ فتعبد الله بأفضل ما عندك، وأحيانًا تكون النوايا أفضل من العمل؛ فأحيانًا يكون عمل صغير تكبره النية، وأحيانًا أخرى عمل كبير تصغره النية، وكما قيل: «نية المرء خير من عمله".
وأردف: "النوايا ثلاثة أقسام: الأول أن تفعل العمل الصالح رغبه في الثواب، والمستوى الثاني أن تفعل العمل الصالح طاعة لله والتزامًا لله، والمستوى الثالث والأكبر: أن تفعل العمل الصالح حبا وتلذذًا، واستمتاعًا لله، وهذا هو الاحسان؛ فما هو رأيك أن تجمع هؤلاء ثلاث مستويات خلال هذه الايام العشر، جمع هذه النوايا الثلاث في العشر أيام المباركات".
جمع النيات الثلاث
ومضى خالد قائلاً: "أتمنى على الجميع أن ينوي جمع النيات الثلاث من أجل الثواب وطاعة والتزامًا لله، وحبًا وتلذذَا واستمتاعًا لله، وقد يتساءل البعض ما هو الشيء الذي يساعدني على الطاعة في هذه الأيام؟ هناك حديث رائع يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من العشر الأوائل"؛ قالوا ولا الجهاد في سبيل الله يا رسول الله؟ قال: "ولا الجهاد إلا رجل خرج بماله ونفسه فلم يعد من ذلك بشيء"، فمهما فعلت طوال العام من أعمال صالحة لن تستطيع أن تدرك ثواب هذه الأيام العشر.وبين خالد أن "هذه الأيام أحب إلى الله من العشر الأواخر من رمضان، ولدينا نصف علماء المسلمين يقولون هذا، وقد يقول أحدهم: وليله القدر ثوابها عظيم؟ ونقول: لدينا يوم عرفة ثوابه عظيم أيضًا، كما أن ليلة القدر مخفية؛ بينما يوم عرفة معلوم ومعروف، ومشهود للجميع، وقد يقول أحدهم: ولكن الله أنزل قرآنًا في ليلة القدر -سورة القدر-، ونقول: وكذلك أقسم الله سبحانه وتعالى بهذه الأيام فقال: "والفجر وليال عشر"، فهذه الأيام العشر، والصحابة رضي الله عنهم كانوا يخرجون زكاة أموالهم في العشر الأوائل من ذي الحجة، ولذلك ذكر الله لنا في سورة النحل بعدما قص لنا حكاية النحل أخبرنا بالمفتاح الكبير قال تعالى: "إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى..." وختمها بقوله تعالى "يعظكم لعلكم تهتدون"، أي يعظكم بالنحل. فالإحسان مرتبط بشكل كبير بالنحل فرمز الإحسان في الكائنات هو النحل".
واختتم خالد، قائلاً: "نذكركم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه العشر الأوائل من ذي الحجة؛ هذه الأيام لن تعوض فلا تفرط فيها واستمسك فهي أفضل الأيام وأغلاها وأحبها إلى الله طوال السنة، فالله يريد لنا الجنة؛ فكأن الله يدعوك في هذه الأيام ليدخلك الجنة، فافعل أي شيء حتى يدخلك به الجنة".
ماذا أفعل في هذه الأيام؟
وفي سياق إجابته عن التساؤل: "ماذا أفعل في هذه الأيام؟"، أجاب خالد: "افعل أي عمل صالح افعل كما النحل، اجتهد باستمرار في طاعه الله في هذه الأيام، وقد تسأل: لكني أريد أشياء محددة أفعلها في هذه الأيام حتى أنال الثواب العظيم؟".وشرح قائلاً: "قلد النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأيام فماذا كان يفعل النبي في هذه الأيام أقول لك أن النبي صلى الله وسلم كان يفعل ستة أشياء في هذه الأيام العشر المباركات وهم: يصوم التسعة أيام الأوائل، يخرج الصدقات، يصل رحمه، يقوم الليل، يكثر من ذكر الله، يكثر من الدعاء؛ فدعاء هذه الأيام مستجاب، وخاصة دعاء يوم عرفة، فهو خير الدعاء، فعليك أن تأخذ بنية هذه الأيام أن تكون مثل النبي صلى الله عليه وسلم في عمله الصالح".
وأوضح أن "الصحابة رضوان الله عليهم تجار يفعلون العمل الواحد ويريدون به أكثر من نية؛ فيأتي لهم أكثر من ثواب على هذا العمل الصالح الواحد، وحول الذكر أنصحكم بألف تسبيحة: 200 استغفار 200 لا اله الا الله 500 الباقيات الصالحات وهم: سبحان الله مائة، والحمد لله مائة، ولا إله إلا الله مائة، والله أكبر مائة، ولا حول ولا قوة ألا بالله مائة، واختم الألف بالذكر بأسماء الله الحسنى، فتقول: يا كريم أكرمني، يا غفور ارحمني، يا مجيب أجب دعائي؛ هذه الألف تسبيحة حافظ عليها يوميًا طوال هذه الأيام العشر، فتعش في حب الله بالإحسان، فتبذل الجهد والعمل الصالح رغبة ونية في الثواب والطاعة وحب الله؛ وقد تكمل بعد الأيام العشر بهذا المنهج، وهو منهج الإحسان؛ فتكون مثل النحل في عمله وعطائه".
مقاطع
برامج اخري
برنامح أسرار أدعية القرآن - الجزء الثاني
برنامج أسبوعي يقدمه د. عمرو خالد يتناول فيه أدعية القرآن الكريم لما لها من أسرار كثيرة لا يعلمها الكثيرون وهي جديرة بالتأمل والتفكر فلكل دعاء من أدعية القرآن أسرار وحكم.
بودكاست معاني - دكتور عمرو خالد
بودكاست معاني - دكتور عمرو خالد