من أخطر ما يمكن أن يحدث في أي علاقة إنسانية، هو استقبال رسائل نفسية مزدوجة من طرف العلاقة الآخر.
بمعنى أن كلامه يقول: أحبك، لكن تصرفاته تقول: أكرهك.. كلامه يقول: يمين، وأفعاله تقول: يسار.. وتزداد الخطورة أكثر وأكثر لو كانت الرسالتان في نفس التوقيت.
يقول الأب لابنه: لا يهمك يا بنيّ، ذاكرعلى قدر استطاعتك، وافعل ما عليك فقط، ونحن راضون بقضاء الله وقدره، لكنه في نفس الوقت، وبشكل مستتر، يوصل إليه بتصرفاته، ونظرات عينيه، وأحياناً بكلماته: لن نرضى منك غير الدرجة النهائية والترتيب الأول.
تقول الأم لابنتها: فلتكبري، وتشدي من أزرك، أنا في انتظار يوم عرسك لأفرح بك، لكنها في نفس الوقت ترسل لها رسالة أخرى بكثير من الطرق والوسائل تقول لها فيها: لا تكبري وتتخلي عني، لا تتزوجي وتتركيني.
تسمى هذه الرسائل المتناقضة بهذا الشكل Double message، وثبت علمياً أنها لو وصلت للأطفال الصغار لفترة معينة من الزمن، فإنها قد تسبب لهم الفصام، وهو من أصعب الأمراض النفسية على الإطلاق.
ينبغي هنا أن أخبركم أننا لا نقوم بتوصيل رسائلنا لبعضنا البعض عن طريق الكلام فقط، بل بالعكس، فالكلام لا يوصل سوى سبعة بالمائة من أية رسالة بينك وبين من تحادث، أما الباقي كله، فيصل عن طريق تعبيرات الوجه، وتعبيرات الجسد، ونبرة الصوت، ونظرة العين، وحركة الأيدي، وطرق أخرى كثيرة، فلا تتعجب حينما تكتشف أنك قد ترسل رسالتين متناقضتين في نفس الوقت.
تقول: أنا مطمئن، لكن لا تكف عن هز قدميك، والتهام أظافرك.
تقول: أنا حزين، وأنت مبتسم.
تقول: أنا في أحسن حال، ودموعك على خدك.
وأمثلة لا حصر لها في حياتنا اليومية.
عليك من الآن الانتباه جيداً لما تقوله بالكلام، وما تقوله بغير الكلام، حاول أن توصل الرسالة نفسها، بلسانك، وجسدك ووجهك، وأفكارك، ومشاعرك، وتصرفاتك، فمهما كانت هذه الرسالة صعبة أو قاسية، فهي أرحم ألف مرة من رسالتين متناقضتين في الوقت نفسه.
د.محمد طه
أستاذ الطب النفسي- جامعة المنيا
*بتصرف يسيراقرأ أيضا:
نصائح للتعامل مع الزوجة خلال فترة الحيض؟اقرأ أيضا:
أغبياء لكنهم بارعون في تسويق أنفسهم أمام الناس؟!