كشفت دراسة جديدة أن مقاومة الأنسولين تضاعف خطر الإصابة بالاكتئاب الشديد، حتى لو لم يكن الشخص مصابًا بمرض السكري.

في البداية، كان الأشخاص الأصحاء الذين طوروا لاحقًا مقدمات السكري أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب الشديد بمعدل 2.6 مرة خلال فترة متابعة مدتها تسع سنوات، وفقًا للنتائج.

قالت الباحثة الرئيسية كاثلين واتسون، باحثة ما بعد الدكتوراه في جامعة ستانفورد: "إن الأشخاص الذين يعانون من مقاومة الأنسولين لديهم ضعف إلى ثلاثة أضعاف معدل الإصابة بالاكتئاب".

وأضافت إن الدراسات السابقة أظهرت وجود علاقة بين مقاومة الأنسولين والاكتئاب، لكن هذه واحدة من أولى الدراسات التي أظهرت أن الأشخاص الذين طوروا مقاومة الأنسولين كانوا أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب لاحقًا.

ويؤثر الاكتئاب على أكثر من 300 مليون شخص حول العالم، يعاني الكثير منهم من الاكتئاب الشديد في وقت ما خلال حياتهم.

وتشمل الأعراض، الحزن المستمر واليأس والخمول واضطرابات النوم وفقدان الشهية. ومن بين العوامل التي تساهم في ذلك، صدمات الطفولة، وفقدان أحد الأحباء أو ضغوط جائحة كورونا المستجد.

وخلال الدراسة - التي نُشرت نتائجها في المجلة الأمريكية للطب النفسي – قام الباحثون بتحليل بيانات أكثر من 600 مشارك في دراسة هولندية طويلة الأمد للاكتئاب والقلق. وكان يبلغ متوسط أعمارهم 41 عامًا، ولم يشعروا أبدًا بالاكتئاب أو القلق عند بدء الدراسة.

سمحت الفحوصات الجسدية المنتظمة للباحثين بتتبع ثلاثة مقاييس لمقاومة الأنسولين - مستويات السكر في الدم أثناء الصيام، ومحيط الخصر، ونسبة الدهون الثلاثية إلى كوليسترول البروتين الدهني عالي الكثافة "الجيد". وخضع المشاركون أيضًا إلى تقييمات نفسية منتظمة.

ويعتمد جسم الإنسان على الأنسولين، وهو هرمون ينتجه البنكرياس، لتحويل سكر الدم إلى طاقة. إذا ظلت مستويات السكر في الدم مرتفعة، فقد تصبح الخلايا أقل قدرة على استخدام الأنسولين لتحويل السكر إلى طاقة. هذه مقاومة الأنسولين.

في النهاية يصل الجسم إلى نقطة اللاعودة، حيث تكون مقاومة الأنسولين قوية جدًا لدرجة أن الجسم يفقد قدرته على خفض مستويات السكر في الدم دون مساعدة الأدوية. هذا عندما يتم تشخيص الشخص بمرض السكري من النوع الثاني.

أكثر مقاومة للأنسولين

وجد الباحثون وفقًا لوكالة "يو بي آي"، أنه نظرًا لأن المشاركين في الدراسة أصبحوا أكثر مقاومة للأنسولين بمرور الوقت، فقد ازداد خطر تعرضهم للاكتئاب بشكل ملحوظ:

ارتبطت كل زيادة في نسبة الدهون الثلاثية إلى البروتين الدهني العالي الكثافة (HDL) بزيادة قدرها 89 في المائة في معدل الاكتئاب. ارتبطت كل زيادة مقدارها 2 بوصة في دهون البطن بمعدل اكتئاب أعلى بنسبة 11 في المائة.

كل زيادة قدرها 18 ملليجرام لكل ديسيلتر في مستويات السكر في الدم أثناء الصيام كانت مرتبطة بمعدل اكتئاب أعلى بنسبة 37 في المائة.

قال الدكتور تيموثي سوليفان، رئيس قسم الطب النفسي والعلوم السلوكية في مستشفى جامعة ستاتن آيلاند بنيويورك، والذي لم يشارك في الدراسة، إن مشاهدة هذا التطور بمرور الوقت "يعتبر إجراءً أقوى من مجرد مسح مجموعة من الأشخاص الذين يعانون من مقاومة الأنسولين ومعرفة عدد المصابين بالاكتئاب".

قال كل من واتسون وسوليفان إن هناك طريقتين يمكن لمقاومة الأنسولين أن تعزز بها الاكتئاب. تسبب مقاومة الأنسولين التهابًا، وقد يكون للمواد الكيميائية الحيوية التي يتم إطلاقها أثناء الالتهاب بعض التأثير على كيمياء الدماغ.

وقال سوليفان: "يتفق معظمهم على أن هناك أدلة متزايدة واهتمامًا بدور الالتهاب في تطور الاكتئاب. إنه موضوع لا يزال قيد الدراسة".

اقرأ أيضا:

بدون استخدام الأدوية.. أفضل طريقة لعلاج الانتفاخ ومشاكل البطن

الأنسولين وصحة الدماغ

وأشارت واتسون إلى أنه من المحتمل أيضًا أن يلعب الأنسولين نفسه دورًا في صحة الدماغ، وقد تؤدي مقاومة الهرمون إلى إفساد المزاج. على سبيل المثال، بعض المستقبلات في الدماغ التي تستجيب للأنسولين تتفاعل أيضًا مع الكورتيزول، هرمون التوتر "القتال أو الهروب"، كما قالت.

وقال سوليفان إن أحد الاحتمالات الأخرى هو أن مقاومة الأنسولين والاكتئاب يشتركان في عدد من عوامل الخطر الشائعة لنمط الحياة - الوزن الزائد وقلة التمارين والعادات غير الصحية.

وقالت واتسون إن نتائج هذه الدراسة تزيد من احتمال إصابة بعض الأشخاص بالاكتئاب بسبب التمثيل الغذائي على وجه التحديد.

ووفقًا للباحثين، فإن الأشخاص الذين يعانون من مقدمات السكري يمكن أن يساعدوا في درء كل من مرض السكري والاكتئاب عن طريق اتخاذ خطوات لخفض نسبة السكر في الدم، عن طريق تناول الطعام بشكل صحيح وممارسة الرياضة والحد من تناول الكحول والسكر للحفاظ على مستوى صحي للسكر في الدم.