يكثر الحديث عن مجاهدة النفس ورياضتها، وقد يتبادر السؤال إلى الذهن، ما المقصود برياضة النفس؟ وكيف يكون ذلك؟
الجواب:
أن ذلك يسير على من يسره الله ووفقه.. فأما الرياضة فهي مشتقة عربيتها من الرّض، وهو الكسر؛ وذلك أن النفس اعتادت اللذة والشهوة، وأن تعمل بهواها، فهي متحيرة، قائمة على قلبك بالإمرة، وهي الإمرة بالشهوة، فيحتاج إلى أن يفطمها، فإذا فطمها عن العادة انفطمت.
فالنفس إذا فطمتها انكسرت عن الإلحاح عليك، ومنازعتك في الأمور، فإن النفس اعتادت اللذة والشهوة، وأن تعمل بالهوى، فإذا فطمتها عن العادة انفطمت.
مثال: ألا ترى أن الصبي إنما اعتاد ثدي أمه، كيف سكونه بذلك الثدي، إنما يحنّ إليه إذا فقده، وكيف يفرح به إذا وجده.
كذلك النفس الشهوانية، فإذا فطم الصبي انفطم، حتى لا يلتفت إلى ثدي بعد ذلك، لأنه وجد طعم ألوان الأطعمة، فلا يحن إلى اللبن، كلك النفس إذا وجدت الطيب اليقين، وروح قرب الله تعالى، وحلاوة اختيار الله عز وجل له، وجميل نظره لها، لم تحنّ إلى تلك الشهوات.
اظهار أخبار متعلقة
سؤال آخر:
فإن قيل: فبماذا يوجد اليقين؟ قال: بطهارة القلب، لأن اليقين طاهر، فيطهر مكانه ومستقره.
فإن قيل: وما طهارته؟ قال: ترك ما اضطرب القلب عليه ورابك منه تورعاً، دقّ أو جلّ، ثم تطهره من التعلق بالشهوات، والاشتغال بها.
فإذا أنت فعلت ذلك صقلت قلبك، فصار لك مرآة بالتورع؛ فكلما تفكرت شيئاً من أمر الآخرة، تمثل في مرآتك، حتى تصير الآخرة لك معاينة، فإذا منعت قلبك عن حريق الشهوات، كما تصون مرآتك عن حرارة أنفاسك، تمثل في قلبك الملكوت، حتى يصير أمر السموات إلى العرش لك معاينة، تبصره بعيني قلبك، كأنك تنظر إليه.