الإفراط في الملح يتسبب في أمراض خطيرة

بقلم | فريق التحرير | الثلاثاء 11 نوفمبر 2025 - 02:07 م

يرابط تناول الملح بارتفاع ضغط الدم مما قد يؤدي إلى الإصابة بأزمة قلبية، لذا ينصح الخبراء بألا يتناول الشخص أكثر من 6 جرامات من الملح يوميًا ــ أي ما يزيد قليلاً على ملعقة صغيرة ــ سواء من الأطعمة التي تحتوي عليه بالفعل أو من الملح المضاف إلى المائدة.

وففًا لموقع هيئة الخدمات الصحية ببريطانيا، فإن ثلاثة أرباع الملح الذي نستهلكه يأتي من الأطعمة اليومية المُعبأة والمُعالجة، مثل الخبز والحبوب والوجبات السريعة، وهو ما يعني أنه من الصعب تجنبه.

ويرتبط تناول كميات كبيرة من الملح بالاكتئاب وفقدان السمع وحتى الخرف.

يقول البروفيسور ماثيو بيلي، رئيس مركز علوم القلب والأوعية الدموية في جامعة إدنبرة، الذي أجرى أبحاثًا على الحيوانات أظهرت أن الأنظمة الغذائية المالحة تؤدي إلى ارتفاع مستويات هرمونات التوتر التي يمكن أن تؤثر على الحالة المزاجية - وهو ما يعتقد أنه يمكن أن ينطبق أيضًا على البشر: "لقد كانت هناك سلسلة من الدراسات التي تربط بين الإفراط في تناول الملح وضعف الصحة العقلية".

وأضاف: "تشير هذه الدراسات إلى أن تناول كميات كبيرة من الملح لفترات طويلة من الزمن لا يؤدي فقط إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بل قد يؤدي أيضًا إلى مشاكل الصحة العقلية وحتى الخرف".

كمية معينة من الملح - أو بالأحرى كلوريد الصوديوم - ضرورية لوظائف الجسم الأساسية، كالحفاظ على الإشارات العصبية ومساعدة العضلات على الانقباض. لكننا نحتاج إلى استهلاك جرام أو جرامين فقط يوميًا لتلبية احتياجات الجسم.

جزء من المشكلة هو أن البشر غالبًا ما يشتهونه، لأن أسلافنا، كما يوضح البروفيسور بيلي، كانوا يبحثون باستمرار عن رواسب طبيعية - كانت عادةً منتشرة على نطاق واسع - للبقاء على قيد الحياة. ولا تزال هذه الرغبة التطورية قائمة، على الرغم من وفرة الملح الآن.

أضرار الإفراط في تناول الملح

وعندما نفرط في تناول الملح، تكتشف الكلى ارتفاع مستويات الملح في الدم. فتسحب بدورها الماء من الأنسجة والأعضاء الأخرى لضخه في مجرى الدم للحفاظ على توازن مستويات الملح.

ويضع الحجم الزائد ضغطًا على جدران الشرايين، مما يجعلها أكثر صلابة وأضيق، كما يجعل القلب يعمل بجهد أكبر لدفعها حول الجسم، مما يرفع ضغط الدم.

مع مرور الوقت، يزيد هذا من خطر الإصابة بالأزمات القلبية والسكتات الدماغية وقصور القلب - حيث تتآكل عضلة القلب بشكل فعال من كل العمل الشاق.

لكن في حين أن الارتباط بأمراض القلب راسخ، فإن التأثير المحتمل للملح على الصحة العقلية والدماغ لم يتم الكشف عنه إلا الآن.

في يوليو الماضي، أظهر تحليل بيانات أكثر من 270 ألف شخص على البنك الحيوي البريطاني - وهو قاعدة بيانات ضخمة للمعلومات الصحية - أن من يضيفون الملح "أحيانًا" إلى طعامهم كانوا أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بنسبة 20 بالمائة مقارنةً بمن لا يضيفونه أبدًا. وذكرت مجلة الاضطرابات العاطفية أن من أقرّوا بإضافة الملح "دائمًا" كانوا أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بنسبة 45 بالمائة.

وفي وقت سابق من هذا العام، وجدت دراسة أجرتها جامعة هواتشونج للعلوم والتكنولوجيا في الصين، والتي تتبعت 439 ألف شخص على مدى 12 عامًا، أن من اعتادوا على إضافة الملح كانوا أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بنسبة 37 بالمائة، وأكثر عرضة للقلق بنسبة 27 بالمائة.

أضرار أخرى بسببها الملح

وتشير أدلة أخرى إلى أن الملح قد يسبب أضرارًا أخرى أكثر خطورة لصحتنا.

توصلت دراستان حديثتان إلى أن الأشخاص الذين يضيفونها إلى الطعام هم أكثر عرضة للإصابة بالخرف، على سبيل المثال.

في بحث نُشر في مجلة الاضطرابات العاطفية في أكتوبر، وُجد أن هذا يزيد من احتمالية الإصابة بهذه الحالة بنسبة 19 بالمائة. وقدّرت دراسة منفصلة، نُشرت في مجلة الدماغ والسلوك العام الماضي، هذه النسبة بـ 73 بالمائة.

لم يتضح بعد على وجه التحديد سبب ذلك، ولكن ارتفاع ضغط الدم يعد أحد الأسباب الرئيسة المؤدية إلى الخرف الوعائي.

وهناك خطر محتمل آخر يتمثل في فقدان السمع، حيث أظهرت دراسة أجراها باحثون في كوريا الجنوبية في أكتوبر أن إضافة الملح إلى الوجبات يزيد من خطر الإصابة بهذا الخطر بنسبة 23 بالمائة ــ ربما عن طريق تعطيل التوازن الطبيعي للسوائل في الأذن الداخلية، وهو أمر حيوي للسمع الجيد، بحسب ما ذكرت مجلة التغذية والصحة والشيخوخة.

لكن تقليل تناول الملح ليس بالمهمة السهلة، كما يقول البروفيسور بيلي: "أنا لا أضيفه إلى طعامي أبدًا ومع ذلك فإن اختبارات البول تشير إلى أنني لا أزال أتناول في المتوسط نحو 8 جرامات يوميًا - وهذا يوضح مدى صعوبة البقاء ضمن الإرشادات".

وتقول مؤسسة القلب البريطانية إن بعض الأطعمة الأكثر ملوحة هي اللحوم المصنعة والخبز والبيتزا والصلصات والفاصوليا المخبوزة والبسكويت.

وينصح بتقليل تناول الوجبات الجاهزة أو الصلصات المعدة مسبقًا واختيار أطعمة قليلة الملح مثل الفاصوليا المخبوزة.