يسأل أحدهم: ما الحكمة فى أن يكون هناك إنسان ما يفعل الخطأ ومع ذلك ينصره الله ويوفقه، كأن يكون هناك طالبا يغش في الامتحانات، وربما في النهاية يكون الأول على الدفعة، وآخر لو غش يكون خجلان جدًا من الله عز وجل، وندمان ويجد نتيجته قليلة.. ليس اعتراضًا على قضاء الله وقدره ولكن أليس هذا قد يكون مخالفًا للحكمة التي تقول: ( الجزاء من جنس العمل ).
لهذا نقول له: إنه نسي أن الرزق ليس فى الدنيا فقط بل فى الدنيا والآخرة، فمن الناس من يوفى كل رزقه فى الدنيا، ومن الناس من يوفى جزء منه فى الدنيا وجزء منه في الآخرة ، والجزاء من جنس العمل كلام صحيح ، لكنه صحيح إذا نظرنا إلى الأمر كله حتى نهايته .
الحكم الأخير
عزيزي المسلم، ليس من المعقول أبدًا الحكم على أي أمر من بدايته، بل علينا انتظار انتهائه تمامًا للحكم عليه جملة واحدة، لأنه بنهاية الأمر كله تكتمل الأرزاق، لكن لو نظرنا إلى الدنيا فقط فإن الجميع سيوفى رزقه لا محالة، أما عن الحكمة في أن البعض يعمل ولا يأخذ نتيجة، والبعض يعمل ويحصل نصف نتيجة، والبعض يعمل ولا يحصل نتيجة ، والبعض لا يعمل ويحصل نتيجة، فذلك لأن الله يريد منا أن نعرف أنه وحده الذي يخلق النتيجة وليس السبب الذي هو العمل، فيكون توكلنا عليه فقط لا على سبب
حتى إذا فقدنا الأسباب لم نيأس ، لأن من يخلق النتائج موجود، ومن ثم فإن جزاء العامل من جنس عمله إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، قال تعالى: «جَزَاءً وِفَاقاً» (النبأ : 26)، ومن ثم لو وضعنا هذه القاعدة نصب أعيننا لبعدتنا عن كثير من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو نعيم : « كما لا يجتنى من الشوك العنب كذلك لا ينزل الله الفجار منازل الأبرار ، فاسلكوا أي طريق شئتم ، فأي طريق سلكتم وردتم على أهله».
استحضار الله
لكن في أصل كل شيء استحضار الله في كل تصرفاتنا، فلو أن الوصي على مال اليتيم سول له الشيطان أكله بالباطل فاستحضر قول الله تعالى : «وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً» (النساء:9)، مؤكد كان سيتقي الله عز وجل في مال اليتامى ولحافظ عليهم وعلى أموالهم حتى يحفظ الله ذريته من بعده، ومن ثم فإن القاعدة أن من يحفظ الله يحفظه، قال تعالى: لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً . وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً» (النساء: 123ـ 124).
اقرأ أيضا:
سنة نبوية مهجورة .. من أحياها كتب الله له السلامة والعافية من كل مكروه