عمر نبيل
من الابتلاءات غير السهلة.. أنه حينما تكون معاييرك في الذوق والكرامة والصدق والجدعنة والاحترام والمرجلة والأصول .. بعيدة جدًا عن من حولك.. حينها تكن عينك كأنها ترى الفروق بكل وضوح .. لكن يتلجم لسانك.. ولا تستطيع قول كلمة ( عيب ) .. لأنهم لن يفهموا معنى هذه الكلمة من الأساس.. حينها ستتصور أنك تعيش مرحلة من الجنان الحقيقي.
لكن هنا تذكر أن نبيك الأعظم صلى الله عليه وسلم، قيل عنه إنه ( شاعر أو مجنون ).. فاصمت واصبر.
معنى مكارم الأخلاق
للأسف بات الناس لا يستوعبون بسهولة ماذا تعني أخلاقيات .. وماذا يعني مكارم الأخلاق؟ .. وماذا يعني أن تتعرض للظلم، وكيف يؤلمك قلبك جدًا، ليس للظلم فحسب، ولكن أيضًا لأنك لا تريد أن تفقد مكارم أخلاقك في تعاملك معهم، ومع ذلك تراهم كأنهم "خشب مسندة"، لا يتحركون ولا يفهمون، ما الذي يحدث، لأنهم بالأساس لا يدركون معاني الأخلاق الحميدة، الني فرضه الشرع الحنيف على الجميع.. ويتصورون أن العلاقات إنما بنيت على المصلحة وفقط..
وسط كل ذلك، ستجد نفسك تقابل الإساءة بإحسان، ويحضرك فقط حينها المولى عز وجل، لأنك تعامل الله وليس البشر، وليس لمصالح شخصية مثلهم.. وحتى حينما تسعى لاستعادة حقوقك.. يكون الهدف بعيد كل البعد عن أي حقد أو غل أو كراهية وإنما، بحثا عن الحق لأنه حقك وفقط..
اقرأ أيضا:
الترفيه في الإسلام: متعة مباحة ضمن هذه الضوابطثم حينما تستطيع أن تعفو لا تتردد في ذلك.. كل هذه التناقضات لا يمكن أن يقع فيها إلا رجل بقلب مؤمن ثابت يعرف الله جيدًا ويوقن فيه سبحانه جل اليقين، لأنه بدون إيمان بالله عز وجل لاشك ستصل لمرحلة الجنون.
ابتلاء صعب
لماذا نقول إنه ابتلاء صعب جدا؟.. لأنه يحتاج لعقيدة وتمسُك بأخلاقيات الرسول صلى الله عليه وسلم، والقرآن الكريم، بشكل تنازع فيه كل غرائزك البشرية تجاه وجعك من الآخرين .. تحتاج ألا تركز سوى في أمر واحد وهو: ( أقوالك و أفعالك ).. جاهد بقدر ما تستطيع .. ولا تستعجل الوصول إلى حقك .. وكن موقنًا أنه لن يضيع، لأنه بيد الله عز وجل، وهو الذي يشاهد ويتابع كل شيء، ويعلم أين حقوق الناس، وبالتالي لن تضيع أبدًا.
لكن إياك أن تضيع عمرك في حروب ورغبة في الانتصار عليهم ولو نفسيًا .. فتصبح لا ترى سواهم، وتنسى هدفك الحقيقي في الدنيا، بل وتنسى أن الله يتابع ويشاهد ويحسب كل شيء سواء لك أو عليك.
قال تعالى: « وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ».. وقال أيضًا سبحانه: «نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٍ».