أنس محمد
آفة الإنسان دائمًا هي الإهمال والتسيب والتعامل مع الجد من الأمر برعونة، خاصة في وقت الأزمات، وقد ورد في الأثر أن بيت المهمل يخرب قبل بيت الكافر، لذلك حذر النبي صلى الله عليه وسلم من آفة التهاون والتقصير والتراخي واللامبالاة، وصولاً إلى حد التفريط في الأمانة، وعدم تحمُّل المسؤولية، وهي في جوهرها سلوكيات سلبيّة؛ محورها عدم الالتزام واللامبالاة، وقد انتشرت بشكلٍ مؤسف في الآونة الأخيرة في معظم الأوساط الشعبية، خاصة في التعامل مع الكوارث والأوبئة، ومن بينها انتشار فيروس كورونا.
ومن ضمن السلوكيات التي تجلب الوباء والكوارث، الإهمال والامتناع عمداً عن إتيان الواجبات والتخلي الإداري عن حق أو التزام، بمعنى آخر هو الاستنكاف أو الامتناع عن القيام بفعل يمليه الواجب والضمير، وجميع هذه السلوكيات تضر بالطبع بحساة الإنسان.
والأخطر من فيروس كورونا في الأثر والمضاعفات، فيروس الإهمال والتراخي، فهما فيروسان قاتلان يأخذان أشكالاً عدة، وعندما يجدان بيئة صالحة؛ يحتلان الجسد كله، ويُصيبانه بالوهن والعجز، وعدم القدرة على النهوض، ويقضيان على آمال الأمم وطموحاتها، فليس مثل الإهمال عدواً للشعوب.
والعلاقة بين الإهمال وسوء الإدارة علاقة كبيرة، والإهمال «ابن» للإدارة السيئة، وفي حين ترى بعض دول العالم أن «تربية الوعي العام» علاج حقيقي أكثر من القوانين الصارمة، يتم تجريم حالات الإهمال ومحاكمتها، واتخاذ أقسى العقوبات بحق مرتكبيها في دولٍ أخرى.
هار أخبار متعلقةومن المشاهد التي كشفت الإهمال في شعوبنا، وأفصحت عن قلة الوعي فيها، تعامل الشعوب العربية والإسلامية مع وباء كورونا الشهير الذي انتقل من الصين، فابالرغم من انتشار الفيروس على مستوى عالمي، للحد الذي أعلنت معه دول مثل الولايات المتحدة الامريكية ودول الاتحاد الأوروبي، وقف الحياة لأجل غير مسمى وإعلان الحجر الصحي والبقاء في المنازل على كافة مواطنيهم، إلا أن تعاطي الشعوب العربية مع هذا الوباء كشف الفرق بينه وبين شعوب أوروبا والأمريكتين والصين، في تعامل الأول برعونة وتسيب وعناد، وتعامل الثاني بجد وحذر .
حتى أنك تشعر خلال النظر على سلوكياتنا أننا شعوب ربما تستحق من إهمالها انتشار هذا الوباء، خاصة مع سخرية المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي، والتمسك بالموروث الثقافي السيئ في التعامل مع الأزمات بالرغم من تحذير الحكومات العربية، من الوباء، خاصة وأن الشعوب العربية لا تعبأ أو تهتم بخطر استنزاف موارد الدولة خلال التعامل مع الامر بهذه الرعونة، ختى أنك تشعر أن هناك أناس لا يمتثلون لأمر جلل إلا والعصا فوق رؤوسهم، وهو مشهد غير حضاري يجب أن يتخلى عنه الناس من أجل الحفاظ على أرواحهم.
نصائح مهملة
ويتساءل العقل عن دور الأهالي في منع أبنائها من الذهاب لسناتر الدروس الخصوصية، واستهتارهم في ترك أبنائهم يسهرون طوال الليل في الشوارع والأزقة، رغم خطورة انتشار المرض وتحذيرات منظمة الصحة العالمية و الحكومات المختلفة، وكأن المقصد من الحجر الصحي وتعطيل الموسم الدراسي هو لقضاء إجازة العيد في الشوارع والطرقات، وليس من أجل حماية أبنائنا من انتشار الفيروس.
ومن المؤسف أن نشعر في شعوبنا أنه لا يجدي معها نصيحة أو إجراء ..فحتي لو تم فرض حظر التجول سيتم التعامل معه بهذا الاستهتار.
في الوقت الذي تخرج فيه الإصابات عن السيطرة، بفعل ثقافةا لشعوب العربية، من الإصرار على سلوكياتهم، من العطس والسعال في وجه الأخر، والتزاحم على الأسواق، والمقاهي والشيشة، والالتحام في المواصلات وعدم الاعتناء بنظافتهم الشخصية، رغم معرفتهم بإعلان حالة الطوارئ في دول مثل الولايات المتحدة الامريكية و أوروبا.
فلا يمكن للدول بمفردها أن تنجح فى مواجهة هذا الخطر الذى قد يحصد أرواح الملايين من سكان الأرض كما حدث قبل ذلك مرات ومرات.