زار أحد الناس يوما قاضيا يدعى بـ "حسين بن أبي عمر" – وكان محببا عنده- فوجده مهموما حزينا فقال: لا يغم الله قاضي القضاة أبدا.
يقول الرجل: ثم قلت للقاضي ومن هذا الذي يعرف بـ "يزيد المائي"، الذي تسبب في غم وحزن قاضي القضاة، حتى إذا مات يغتم عليه قاضي القضاة هذا الغم كله.
فقال القاضي : ويحك مثلك يقول هذا في رجل فذ في صناعته قد مات ولا بديل له يقاربه في حذقه، وهل فخر البلد إلا أن يكون رؤساء الصناع وحذاق أهل العلوم فيه.. فإذا مضى رجل لا مثل له في صناعة لا بد للناس منها فهلا يدل هذا لأمر على نقصان العلم وانحطاط البلدان.
اقرأ أيضا:
ما هو الفرق بين البيت العتيق والبيت المعمور؟ ومكان كل منهما؟وقام القاضي بعد فضائله والأشياء الظريفة التي عالج بها والعلل الصعبة التي زالت بتدبيره.
يقول الرجل نقلاً عن القاضي: فذكر من ذلك أشياء كثيرة ومنها أنه قال لقد أخبرني من مدة أن رجلاً من سادات هذا البلد كان حدث بابنة له علة عجيبة فكتمتها، حتى اقتربت ابنته من الموت.
قال: فقلت لا يسعني كتم هذا أكثر من هذا قال وكانت العلة أن فرج الفتاة، حيث كان تشعر بفرجها ألما لا يطاق، لا تكاد تنام منه الليل ولا تهدأ بالنهار وتصرخ من ذلك أعظم صراخ ويجري في خلال ذلك منه دم يسير كماء اللحم وليس هناك جرح يظهر ولا ورم كثير.
فلما خفت عليها من الموت أحضرت يزيد المائي – الطبيب الراحل- فشاورته فقال تأذن لي في الكلام وتبسط عذري فيه فقلت نعم .
فقال الطبيب : إنه لا يمكنني أن أصف شيئا دون أن أشاهد الموضع وأفتشه بيدي واسأل المرأة عن أسبابـ لعلها كانت الجالبة للعلة، قال فلعظم الصورة وبلوغها حد التلف أمكنه من ذلك.
فأطال الطبيب مساءلتها وحديثها بما ليس من جنس العلة بعد أن حبس الموضع حتى عرف بقمة الألم، حتى كدت أن أثب به ثم تصبرت ورجعت إلى ما أعرفه من ستره، فصبرت على مضض إلى أن قال تأمر من يمسكها، ففعلت ثم أدخل يده في الموضع دخولا شديدا.
فصاحت الصبية وأغمي عليها وانبعث الدم فأخرج في يده حيوانا أقل من الخنفساء فرمى به فجلست الابنة في الحال واستترت وقالت يا أبت استرني فقد عوفيت.
قال فأخذ الحيوان في يده وخرج من الموضع فلحقته وأجلسته وقلت : أخبرني ما هذا؟
فقال الطبب: إن الفتاة أخبرتني أن يوما من الأيام جلست في بيت خاص بتربية البقر من بستان لكم ثم حدثت العلة بها من غير سبب تعرفه من بعد ذلك اليوم فتخايلت أنه قد دب إلى فرجها حشرة ، وأنه إذا شبع نقط من الفرج الذي يمتص منه إلى خارج الفرج هذه النقطة اليسيرة من الدم.
فقلت أدخل يدي وأفتش فأدخلت يدي فوجدت الحشرة فأخرجتها وهو هذا الحيوان وقد كبر وتغيرت صورته لكثرة ما يمتص من الدم على طول الأيام.
قال فتأملت الحيوان فإذا هو "قُراد"، قال برئت الصبية قال فقال لي أبو الحسن القاضي هل ببغداد اليوم من له صناعة مثل هذا فكيف لا أغتم بموت من هذه مهارته.