في كتابها الجديد: "ماذا يفكر طفلي؟ علم نفس الطفل العملي للآباء المعاصرين"، تشرح تانيث كاري ما لا يعرفه كثير من الآباء عن الأطفال حديثي الولادة منذ اللحظة الأولى للولادة، وكيفية التصرف حيال ذلك؟
يتعرف على صوت أمه من اللحظة الأولى للولادة:
قد يولد الطفل وهو في حيرة من أمره، كما لو أنه غير متأكد مما يحدث. لكنه قادر بالفعل على تمييز أمه بسهولة عندما تتحدث. ذلك لأن جهازه السمعي يعمل بكفاءة كافية لالتقاط الأصوات منذ الأسبوع الخامس والعشرين تقريبًا في الرحم. ورغم أنهم محاط بالسائل الأمنيوسي، إلا أنه يسمع كلام الأم بوضوح.
ولأن الطفل يولد مُبرمجًا على البحث عن التواصل والحماية منذ بداية وصوله إلى الحياة، فإن أول ما يفعله بعد الولادة هو محاولة مطابقة الوجه مع الصوت المألوف.
تُظهر الأبحاث أنه في غضون دقائق من الولادة، يُدير الطفل رأسه نحو أمه لأنه يتعرف على صوتها وهي تتحدث، وفق ما ذكرت صحيفة "إكسبريس".
يعرف ما تحبه وما تكرهه:
من المرجح أن يشاركك طفلك بعضًا من مما تحبه وتكرهه. أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين استمعوا للموسيقى قبل ثلاثة أسابيع من الولادة يتعرفون على الألحان عندما يبلغون شهرًا واحدًا.
يتباطأ معدل ضربات القلب أكثر عند سماعه موسيقى مألوفة مقارنةً بسماعه موسيقى لم يسمعها من قبل. حتى أن الباحثين وجدوا أن أطفال الأمهات اللواتي يشاهدن البرامج نفسها بانتظام، مثل المسلسلات التلفزيونية، يتعرفون على لحن الأغنية الرئيسة ويتفاعلون معه بعد الولادة.
يولد الطفل وهو يحب بعض الأطعمة نفسها أيضًا. تبدأ براعم التذوق لدى الجنين بالنمو في الأسبوع الرابع عشر. خلال نموه في الرحم، يبتلع أكثر من لتر من السائل الأمنيوسي يوميًا، ويحتوي بعضه على رائحة وطعم الأطعمة. وجد الباحثون أن الأطفال الذين تناولت أمهاتهم الكثير من الثوم أثناء الحمل كانوا أكثر عرضة للانجذاب إلى رائحته بعد الولادة.
شبه والده:
هل طفلكِ ولد بشبه غريبٍ لأبيه؟ قد لا يكون هذا مصادفة. من المرجح أن يبدأ حياته وهو يشبه والده.
في دراسات، عندما طُلب من متطوعين مطابقة صور أطفال مع صور آبائهم، وجد الباحثون أنهم كانوا أكثر قدرة على تحديد هوية والدهم بدقة، بدلاً من والدتهم.
يعتقد الباحثون أن الرضع قد طوروا هذه النزعة على مدى ملايين السنين لإزالة أي شكوك متبقية في ذهن الرجل بأنه ليس الأب، ولزيادة رغبته في إطعام الطفل وحمايته.
كيفية التواصل و5 صرخات مختلفة:
لا يذرف معظم الأطفال الدموع حتى سن ثلاثة أشهر، لأنَّه حينها فقط يُنتِجون ما يكفي من السوائل لترطيب وحماية عيونهم، لكن في كل الأحوال لا يُمكن تجاهل بكاء الطفل حديث الولادة.
أظهرت الدراسات أن بكاء الطفل يُثير مشاعره بطريقة لا تُؤثر بها أي أصوات أخرى، وذلك لزيادة فرص نجاته.
وأجرى فريق من الباحثين بجامعة أكسفورد، مسحًا على أدمغة رجال ونساء أثناء سماعهم مجموعة من النداءات والبكاء. ووجدوا أنه بعد 100 ميلي ثانية فقط، تنشط منطقتان في الدماغ تستجيبان للعواطف.
ولوحظت هذه الاستجابة لدى كل من الرجال والنساء، حتى لو لم يكن لديهم أطفال. وعلى الرغم من أن جميع بكاءات الأطفال قد تبدو متشابهة في البداية، إلا أنك إذا انتبهت لها، ستبدأ بملاحظة اختلافات طفيفة في نبرتها وشدتها.
وأظهرت الأبحاث أنه في غضون بضعة أشهر، تأتي بكاءات الأطفال بخمسة أنماط مختلفة للإشارة إلى الجوع، والتعب، والشعور بالإرهاق، والألم، والملل.
يعرف لهجتك:
قد يبدو بكاء الطفل في عمر تسعة أشهر بالنسبة لك مجرد نداء لجذب الانتباه. لكنك قد لا تدرك أنه قد التقط لكنتك بالفعل، لأنه حتى قبل ولادته، كان يتعلمون بالفعل كيفية تقليد ما يسمعه.
أظهرت دراسات عديدة أن الأطفال، منذ ولادتهم، يفضلون الاستماع إلى اللغة التي سمعوها في الرحم.
ولمعرفة ذلك، درس باحثون في مركز تطور ما قبل النطق واضطرابات النمو بجامعة فورتسبورج الألمانية "ألحان" بكاء 60 مولودًا جديدًا سليمًا. كان من بينهم ثلاثون فرنسيًا وثلاثون ألمانيًا.
واختاروا هذه الجنسيات لأن الناطقين بالفرنسية عادةً ما يرفعون نبرة صوتهم في نهاية الكلمات والعبارات، بينما ينهي الناطقون بالألمانية نبرة صوتهم بنبرة منخفضة.
وعندما درس الباحثون الأطفال، وجدوا أنهم يفعلون الشيء نفسه. تميل نبرة بكاء الطفل الفرنسي إلى الارتفاع، بينما تنتهي نبرة بكاء الأطفال الألمان بنبرة منخفضة.
يعرف الصواب من الخطأ:
يفترض الآباء أنه يتعين عليهم تعليم أطفالهم الفرق بين السلوك الجيد والسيئ مع تقدمهم في السن.
لكن الصغار يمتلكون بالفعل فكرة جيدة منذ البداية. في إحدى التجارب، عُرض على أطفال تتراوح أعمارهم بين ثلاثة أشهر وتسعة عشر شهرًا عرض دمى، يضم أرنبًا حسن السلوك وآخر مشاغبًا.
في الفصل الأول، يفتح قط صندوقًا بلاستيكيًا كبيرًا. لكن عندما يعجز عن فتح الغطاء بنفسه، يهب الأرنب الودود لمساعدته. في الفصل الثاني، يتكرر المشهد نفسه. ولكن هذه المرة، يظهر أرنب "سيئ" ويتصرف بقسوة. فبدلًا من مساعدة القط، أغلق الصندوق بقوة قبل أن يلوذ بالفرار.
وعندما عرضت الدمى على الأطفال، أمسك 80 بالمائة منهم بالأرنب "الجيد" - مما يدل على تفضيلهم له.
يعتقد باحثون أمريكيون في مركز إدراك الرضع بجامعة ييل، أن التمييز بين الطيبين والخبيثين مهارة متأصلة في أدمغة الرضع. ويرجع ذلك إلى حاجة الرضع إلى معرفة الصديق والعدو في سن مبكرة للحفاظ على سلامتهم.