أخبار

الاستغفار حياة جديدة تعرف على فوائده على الروح والبدن

القنوط من رحمة الله بداية السقوط الحقيقي.. احذر أن تقع فيه

لا تستّخف بالغيبة والنميمة.. تمنع سقوط الغيث من السماء

أخي الصغير يتلصص علينا ونحن نبدل ملابسنا.. ما الحل؟

ما هي العلامة التي يعرف بها العبد انه يحب الله أكثر من أي شيء؟

لا يوجد مستحيل مع اسم الله المجيب.. هذه هي المعاني والأسرار

كيف تحدث الأحلام؟ ولماذا يحلم البعض ولا يحلم آخرون؟

لو عايز ربنا يحبك وتأتيك الدنيا تحت قدمك.. تعمل مع الدنيا بهذه الطريقة

من كرامات "ابن حنبل".. خوف الجن من نعله واستجابة الدعاء بالاستغفار

حينما يكون التغافل لإبقاء الكرامة وحفظ ماء الوجه

الإيمان والعصر (حلقة 15) ـ مفاهيم جديدة.. فقه حب الحياة

الإيمان والعصر رؤية جديدة فعالة لدور الدين في الحياة . نريد سد الفجوة بين الدين والحياة .

من أكثر الأشياء التي وسعت الفجوة بين الدين والحياة .. مفاهيم خاطئة في الدين . التجديد ومفاهيم إسلامية أفقدناها فاعليتها أو حولناها لمفاهيم سلبيه . لابد أن نصحهها ونجدد رؤيتنا لها لنعيد الفاعلية " المادة الفعالة " لدور ديننا في الحياة المعاصرة .

ماهي نظرة الدين للدنيا .. الإسلام كيف يرى الدنيا؟؟ ماهي قيمة هذا الموضوع ؟

الدين يشكل ثقافة بلادنا .. فلو الدين يرى الدنيا جميله سينعكس هذا على نظرتنا .. لماذا؟

سيظهر طموح ونجاح وحب لها ولو الدين يرى الدنيا حرام أو شيء قبيح يأثر هذا على الطموح فيها والنجاح فيها وحتي لو حبتها ونجحت فيها سيظل بداخلك شعور بالتناقض أوكأنك ترتكب خطأ.

نظرتنا للدينا هامة جداً .. لأنها ستنعكس بالسلب إو بالإيجاب على تفاعلنا معها وتحدد رؤيتنا لدورنا فيها.

ماهو التجديد المطلوب .. قبل أن نتكلم عن التجديد .. لابد أن نتكلم أولاً عن صورة الدنيا في فكرنا الإسلامي الحالي .

في عقولنا في المائة سنة الأخيرة .. ثقافة دينية كامله قائمه كراهية الدنيا وتحقيرها أو قل على ذم الدنيا أو على الأقل عدم حبها .

هذه الثقافة التي تملأ مكتبات كاملة دون مبالغة، والتي تتمثل في خطب ومواعظ لا يزال لها وجود حقيقي فيما يسمى بأدب الزهد، وأحياناً ما يسمى بالرقائق .. وهي موجودة في خطب الجمعة التي يذهب إليها الملايين، وفي الدروس الدينية ، والبرامج الدينية التي يحضرها الملايين أيضاً.. لقد أصبحت هذه الثقافة جزءاً لا يتجزأ من "العقل الجمعي".. راسخة في اللاوعي، تجعل من يخالفها يشعر أنه خارج المنظومة الفكرية التي ينتمي إليها أصلاً..

ثقافة "ذم الدنيا" هذه تجري منا مجرى الدم، نعم، نحن... نخالفها ونركض إلى الدنيا في كثير من الأحيان، ولكن تلك الثقافة تنغص علينا ذلك، تشعرنا بالذنب.. تجعلنا نشعر أن في نجاحنا "مخالفة شرعية" ما... أو على الأقل تحليقاً في إطار منظومة ثقافية أخرى.. يظهر ذلك عندما يكون هناك رجل أعمال ناجح جداً ثم يقول سأكتفي بذلك عكس الغرب .

هذه الثقافه انعكست بوضوح على النظره للدنيا لدى الشباب المسلم . فعندما تسأل شباب متدين أوغير متدين ... ماهي الصوره الذهنيه للدنيا في عقلك ؟ تجد غالباً النظره السلبيه تسيطر على عقولهم ...فهذا يقول : الدنيا أختبار مؤلم و آخر يقول : الدنيا عملية ألم مستمر . وثالث يقول : أنا اكره الدنيا . ورابع يقول : الدنيا تعب وابتلاء مستمر . وخامس يقول : إنما سميت الدنيا بهذا الاسم من الدنو والدناءه . و افضلهم حالاً يقول :أنا أصلاً ليست لي نظره محدده للدنيا .

 فكيف نشأت هذه النظرة السلبيه للدنيا ؟

أما كيف نشأ هذا المفهوم السلبي عن الدنيا .. لقد نشأ في عصور هزيمة المسلمين حيث كانت الدنيا تتسرب من بين أيدينا نحو الأمم الأخرى.. وكان علينا أن نتكيف مع هذا التسرب.. فأقنعنا أنفسنا أن تسربها خير.. وأنها لا تستحق الاهتمام.. بل إنها لا تساوي شيئاً.هكذا قبلنا أن نترك الأبواب الكبرى لعمارة الوجود ورضينا بسلم الخدم والعبيد.

فماهو التجديد المطلوب .. نريد فقه حب الحياة .. التجديد هو العودة للإسلام الصحيح الدافع للنجاح وبحب الحياة .

نريد عودة فاعلية الدين في الحياة .. كيف يكون فعال وهو يرفض الحياة أصلاً.

القرآن أنصف الدنيا

القرآن فرق بين الدنيا وبين الحياة الدنيا : جاءت الدنيا في القرآن        " 115 " مره . ليس فيها مره واحده ذم لها بل على العكس هناك التأكيد على تقديرها  وهذه نماذج من الآيات : "  فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " "رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً " "  وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ " .

هذه الآيات ليس فيها ذم بل على العكس كلها تقدير للدنيا .. الذم كان فقط للحياة الدنيا .. هناك فرق في القرآن بين الدنيا و بين الحياة الدنيا .

فما الحياةالدنيا إذن ؟

" الحياة الدنيا " شيء آخر .. إنها طريقة حياة خاطئه life style .. طريقة حياة لا تركز إلا على ماهو سيء من القيم  ومن الأخلاق و من الشهوات .. الذم ليس للدنيا الجميله ولكن لنمط حياه مرفوضه .

" اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ"

" وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ "

هذا نمط حياة مرفوض بكل المقاييس والمعايير .. مرفوض أن تتحول الحياة إلى لهو ولعب وتفاخر واستهتار وتراخي و أهمال فهذا يؤدي إلى أن تغتر بها ووتوهمها بحجمٍ أكبر بكثير من حجمها الحقيقي إنه نوع من الغرور نهايته بلاشك خسائر فادحه في الدنيا والآخره .. هذا هو المذموم في القرآن .

المشكلة ليست في الدنيا.. بل في استخدامك لها.

فرق كبير بين "الدنيا".. كقاعة امتحان ومادة امتحان، وبين الحياة الدنيا، كنمط سلوكي لمجموعة طلاب لاهين عابثين، سيرسبون حتماً عندما تظهر النتائج، على رؤوس الأشهاد.. فلماذا إذاً تلعن قاعة الإمتحان وهي الطريق إلى نجاحك إذا كنت جاداً .

إذاً الفرق كبير بين الدنيا وبين الحياة الدنيا .. قال الله لرسولنا العظيم " إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً" كان ذلك فتحاً في الدنيا وقال الله عن عيسى عليه السلام : "وجيهاً في الدنيا و الآخره " ، كيف سيكون وجيهاً في الدنيا إن كانت الدنيا مزبلة؟!..ما أهمية أن يكون وجيهاً فيها إن كانت ملعونه؟

"الدنيا" بهذا المفهوم، وهو المفهوم الذي حدد قرآنياً، هي فرصتنا الوحيدة لأن نكون في وضع نرغب في الحصول عليه في الآخرة..

الدنيا جميلة في ديننا . نريد فقه حب الحياة .. من يهاجموا الإسلام ومن يلحدوا .. من يستطيع الأعتراض على هذه التفرقة القرآنية الرائعة بين الدنيا وبين الحياة الدنيا . لاعودة لفاعلية للدين وأنت تكره الحياة. 

 فقه كراهية الدنيا مغروس في فكرنا الديني وأثر في كل حياتنا .. بينما حب الحياة مغروس في عقول الغرب .. وكل هذا ينعكس على النجاح في الحياة .. أماتة الدنيا في العقول يتحول إلى أماتة الدنيا في الواقع .

فرق كبير بين التربية على النظرة للدنيا بين أطفالنا والأطفال الغرب .. وسنضرب مثلين لتوضيح ذلك :

هناك فارق ضخم بين طرق التربيه على النظره للدنيا بين أطفالنا و الأطفال في الغرب ونوضح ذلك بمثلين : فبينما نجد هذه القصه تدرس لأطفالنا في المرحلة الإبتدائيه عن النظره للدنيا حيث تحكي القصه .. سقطت قطرة عسل على الأرض فجاءت نملة صغيرة فتذوقت العسل ثم حاولت الذهاب لكن يبدو أن مذاق العسل قد راق لها فعادت وأخذت رشفة أخرى ثم أرادت الذهاب .. لكن يظهر إنها لم تكتفي بما أخذته من العسل بل أنها لم تعد تكتفي بارتشاف العسل من على حافة القطرة و قررت أن تدخل في العسل لتستمع به أكثر وأكثر ودخلت النملة في قطرة العسل وأخذت تستمتع به لكنها لم تستطيع الخروج منه لقد كبل أيديها وأرجلها والتصقت بالأرض ولم تستطيع الحركة وظلت على هذا الحال إلى أن ماتت فكانت قطرة العسل هي سبب هلاكها وعدم اقتناعها بما ارتشفته منها ولو اكتفت بالقليل من العسل لنجت . و هذا حال الدنيا فالدنيا هي قطرة عسل كبيرة ونحن نرتشف منها فمن اكتفى بالقليل من عسلها نجا ومن غرق في بحر عسلها قد تهلكه .

هذه القصه رغم أن هدفها تربية الطفل على صفه حميده وهي عدم الطمع إلا أنها  في نفس الوقت ترسخ في عقله الخوف من الاقتراب من الدنيا منذ نعومة أظفاره وفي بداية تكوينه العقلي والنفسي.

بينما نجد على العكس تماماً قصة أخرى حقيقيه لطفل غربي يقتحم الدنيا بنجاح من أجل صديقه حيث تقول القصه :

فى كندا اصيب الطفل ( برايدن ) صاحب الـ 7 سنوات بـ شلل دماغى .. إحتاج لعملية جراحية عاجلة تجري في أمريكا و سوف تتكلف اكثر من 20 الف دولار بالاضافة لمصاريف السفر والاقامة له و لأهله .. لكن المبلغ كان ضخماً بالنسبة لأسرته حتى فقدوا الأمل في إمكانية علاج إبنهم.. سمع الطفل (كويمن) زميل برايد في المدرسه و صاحب الـ 7 سنوات ايضاً بمشكلة صديقه فتفاعل بشده وقرر أن يجمع هو المبلغ المطلوب ليتم علاج صديقه وقرر إنشاء كشك لبيع عصير الليمون أمام منزله .. .. قام بمساعدة والدته بتجهيز الكشك ووضع ورقة كبيرة فوق الكشك كتب عليها ( هذا المشروع من اجل مساعدة صديقى ) بالاضافة لصورة ( برايدن ) بدء الكشك يثير اعجاب و اهتمام الناس خاصة أن كويمن كان يقف فيه باهتمام كبير لساعات طويله ليجمع الدولارات القليله .. حتى علمت أحدى القنوات  الفضائيه بالقصه فجاءت لتصوير كويمن  .. فاهتمت البلدية والحكومة بفكرة الطفل الصغير وخصصت موقعاً للانترنت للمساهمة فى تلك الفكرة النبيلة .. فذاع صيت الفكرة وانتشرت فى ارجاء كل مدن كندا على الانترنت والصحف والتليفزيون  وكانت المحصلة النهائية للمبلغ الذى تم تجميعه هو ..  55 الف دولار ! .. اى اكثر من ضعف المبلغ المطلوب ! .. وبالفعل تمت العملية ونجحت وشُفى (برايدن ) بسبب وفاء  (كويمن) وإيمانه بأنه يستطيع أن يجمع المال لأنقاذ صديقه .

إن هذا الفارق الضخم بين طرق التربيه في النظره للدنيا يستمر مع الأطفال حتى يكبروا ويصيروا رجال أعمال او مفكرين أو مخترعين .. إن ثقافة أماتة الدنيا هي أحد أسباب تخلفنا عن الغرب .

نريد تجديد يعلمنا حب الحياة .. الإسلام يعلمنا ذلك .. تعالوا نعيش مع القرآن والسنة ونرى كيف يكون عندنا فقه حب الحياة :

التجديد يبدأ بتغيير نظرتك السلبيه للدنيا 

النظرة الإيجابيه  للدنيا جزء من إيمانك وعقيدتك

هذه النظره التحقيريه للدنيا تتعارض تماماً وبحده مع عقيدة أنك خليفه مسئول عن الأرض "إني جاعل في الأرض خليفه " ومكان استخلافك ومسئوليتك هو الأرض . فهل يعقل أن يجعلك الله خليفه على شيء ملعون وهل يعقل أن يجعلها أمانه " إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا " هو لم ينظر إليها منذ خلقها .

كيف تكلف إنسان بأمانه وتوصيه بها وتحذره بعدم الخيانه " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ " بينما أنت تلعن هذه الأمانه ؟ أليس هذا عبث وحاشا لله أن يصدر منه العبث " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً و أنكم إلينا لا ترجعون * فتعالى الله الملك الحق "

وكيف يجعل الله الملائكه تسجد للخليفه الذي يعمر الأرض تكريماً له واعترافاً بدوره الكبير .. بينما محل المسئوليه غير مكرم بل مذموم مستحقر ..لايمكن أن نعقل ذلك .

كيف ينهانا الله ـ تعالى ـ عن أن ننسى نصيبنا من الدنيا " ولا تنس نصيبك من الدنيا " وتكون  الدنيا دنيئه .. أنحرص على نصيبنا من الدناءه !!

وماذا عن قوله صلى الله عليه وسلم "ليس بخيركم من ترك دنياه لآخرته,ولا آخرته لدنياه حتى يصيب منهما جميعا".

ألا تعطينا الآية والحديث نظرة للدنيا هي أكثر شمولية وعمقا .. إن كلمة نصيب مأخوذة من النصب وهو التعب ؛لأن الإنسان ينصب حتى يصل إليه .. وما النصب إلا العمل والجهد والإنتاج والتعمير ... اقرأ معي "أولئك لهم نصيب مما كسبوا"

الدنيا هي موضع استخلافنا.. هي موقع امتحاننا، ومادة الامتحان في الوقت ذاته، هي ما سنختبر به، وهي "دنيا" لأنها قريبة منا، قربها محيط بنا كإحاطة السوار بالمعصم.. إنها "قريبة" منا قرب وجودنا فيها .. هذا القرب هو ما يجعلها "دنيا".. وهو أيضاً ما يمنحنا فرصة لنحقق ما خُلقنا من أجله. فرق كبير بين من يفهم معنى كلمة الدنيا من الدنو بمعنى الدناءه .. وبين من يفهم كلمة الدنيا من الدنو بمعنى القرب .. بالله عليك أيهما ينتج أكثر وينجح أكثر ؟ صاحب النظره الأولى أم صاحب النظره الثانيه . إن معنى أن الدنيا قريبه منا يتفق مع روح الأمل والتفاؤل والعمل ويتفق مع وصف الله للدنيا في القرآن " هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا "  ، " وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ " ، " وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " .

إن النوع الأول الذي يرى دناءة الدنيا سيعيش بمعنى " ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ "

أما النوع الثاني فيعيش بمعنى " ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض "

إن إماتة الدنيا في العقول تتحول إلى إماتة الدنيا في الواقع ... بينما يريد الله أن يحييها " وَآيَةٌ لَهُمْ الأرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ(*)وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ(*) لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ "  واللفتة الرائعة في الآية أن الله ـ تعالى ـ مثّل للأرض بصورة رائعة .. وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب ... وفجرنا فيها من العيون... لماذا !! لو كان لمجرد متعة الإنسان لقال :ليأكلوا من ثمره لعلهم يشكرون .. لكن ... تأتي نظرية الاستخلاف في جملة فاصلة.. وما عملته أيديهم ... أيها الإنسان

إن الآية تدعوك لوضع لمسة إبداعية .. شارك ولا ترفض هذه الهدية.. أحي الأرض .. الأرض تحتاج إلى بصمة إبداعك ... هذه هي إرادة الله ولن يكتمل إيمانك إلا إذا حققت بعملك هذا الإحياء للأرض .

وكأننا ونحن نقرأ قول رسول الله ص " من أحيا مواتا ـ أي أرضا ميتة ... تتلمس العمران ـ فهي له " نستشعر نفس الرؤية ... نفس المنهج ... نفس الدعوة للإنسان إلى وضع لمسته الإبداعية وبصمته الإعمارية في جبين الأرض , ودقق في كلمة "له" إغراء بالتمليك .. والسؤال :كيف يغرينا بالملعون !! .أحي الأرض الميتة بالنظرة الإيجابية والإرادة الحية !ٍ

يريد الله منا أن نحيي الدنيا .. نعم ,وكذلك رسول الله ص :

" عن  ابي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة , فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليغرسها رواه احمد ومسلم .

نلاحظ

إذا قامت الساعة ← ربط روحي بين الدين والعمل

وفي يد أحدكم فسيلة ← كأن الطبيعي أن المسلم لا يترك العمل أبدا .. تلازم بين المسلم والإنتاج.

فسيلة ← لن تؤتي أكلها إلا بعد سنين ..السؤال ← لمن ازرعها !!

المتوقع بعد قوله صلى الله عليه وسلم إذا قامت الساعة أن يعقب بقوله : ليسرع كل منكم بالاستغفار .. انضوا أيديكم من تراب الدنيا .. إنها لحظة رهيبة " يوم يرونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها...." أليس الطبيعي وقد تيقن الناس من القيامة ان ينصرفوا لهذه اللحظة الرهيبة ... أليس من الطبيعي والهول على الابواب ان ينسلخ الناس من كل شئ يربطهم بالارض ويتطلعوا في رهبة الخائف وذهول المرتجف الى قيام اليوم الموعود !!

رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل شيئا من ذلك كله الذي توقعه السامعون بل قال لهم (ان كان بيد احدكم فسيلة فإن استطاع ان يغرسها قبل ان تقوم الساعة فليغرسها فله بذلك اجر .  يا الله يغرسها ! وما هي ؟ فسيلة النخل التي لا تثمر الا بعد سنين ! والقيامة في طريقها أن تقوم!

والسؤال← لو كانت الدنيا حقيرة .. فلماذا كل هذا الاهتمام بإعمارها حتى وإن كانت على شفا دمار محقق ! إنها نظرة الإسلام إلى الدنيا ... مزرعة الآخرة .

أصحاب النبي يتبرؤون  من النظره السلبيه للدنيا

تخيلو لو الصحابة كانوا نظروا للدنيا نظرة سلبيه .. نظرة كراهية .. لما فتحوا الدنيا .

تخيل لوكان عمربن الخطاب وخالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص وسلمان الفارسي وأبوعبيده بن الجراح ينظرون للدنيا هذه النظره السلبيه .. تخيل لوكانوا لعنوا الدنيا وبقوا في ديارهم ينتظرون موعد الرحيل عن هذه الدنيا الحقيره .. لو كانوا كذلك لتغير تاريخ البشريه تماماً .. ولما كنا نحن ولما كانت حضارة الإسلام العريقه ولما كانت الأندلس بعلومها وفنونها ولما عرفت أوربا نهضتها بعد اتصالها بحضارة الإسلام من بغداد إلى الأندلس .

قارن الفرق بين الصوره الذهنيه الإيجابيه للدنيا في أذهان الصحابه و الصوره الذهنيه السلبيه لها في أذهاننا .. هم يرون انهم مسئولون عنها و أنها طريقهم إلى الجنه و أنهم يحمدون الله أنه شرفهم و كرمهم باختياره لهم لأعمارها كخلفاء .. فرق كبير بين من يحب الدنيا ويتحرك فيها بنفس مشرقه متفاعله وبين من يكره الدنيا ويراها حقيره ملعونه .. الفرق الأساسي سيكون في القدره على الإبداع و الأنفتاح والعمل و الأعمار .

رسم بياني لثروة عثمان  .. رسم بياني للعشر المبشرين بالجنة .. تخيل لو لم يكن من قبلنا عمرو الدنيا .. تخيل  حياتنا أد إيه ستكون قاسية . 

لابد من ظهور جيل جديد ينسف المفهوم السلبي عن الدنيا .. ويمتلك صوره ذهنيه جديده لها وهذه الصوره هي : عمرها .. جملها .. ابنها.. حسنها ..استمتع بخيرها .. أصلحها .. لسبب بسيط أنت مسئول عنها. نعم أنت مسئول عن هذا الكوكب أمام الله .. أنت الخليفه .. استشعر معنى : الحمدلله الذي خلق الدنيا وخلقني فيها لأعمل و اعمرها .. لذلك فأنا أرى الدنيا جميله رغم كل مافيها من صعوبات و ابتلاءات ..فعلاً الدنيا جميله .

دخل عمر بلدة يتفقد أحوالها ,فهاله أن رأى كل أصحاب الصناعات والحرف فيها من غير المسلمين, فعنفهم " المسلمين "أشد التعنيف ,فما كان منهم إلا أن قالوا قولا عجيبا ,قالوا : الله سخرهم لنا !!! فرد عليهم عمر : كيف بكم إذا أصبحتم عبيدا لهم !!

إنه الفهم الأبتر لقيمة الدنيا منهم ... والفهم القويم لقيمتها من عمر

وهذا هو نفس الفهم الذي دفع عمر بن الخطاب حين رأى شاب مظهرا للنسك متماوتاً في مشيته بقصد التعبد . فخفقه بالدرة وقال لا تمت علينا ديننا أماتك الله , وفي رواية : ارْفَعْ رأسَك فإن الإسلام ليس بِمَريِض.

فهمنا أحاديث النبي خطأ ..

يقول أحدهم .. لكن ماذا عن احاديث تقول عكس القرآن في ذم الدنيا .. فالأحاديث لم تفرق بين الدنيا وبين الحياة الدنيا كما فعل القرآن ؟؟

أولاً : إن النسبة الغالبة للأحاديث النبوية المستخدمة في هذا الموضوع هي أحاديث ضعيفة أوموضوعة و لا أصل لها –غير موجودة أصلاً في كتب الحديث-.. فمن بين خمسة وعشرين حديثاً نسبت له عليه الصلاة والسلام في هذا النص كان هناك سبعة أحاديث فقط بين الصحيح والحسن، والباقية بين الضعيف والموضوع والحديث الذي "لا أصل له".

ثانياً : يجب أن ندرك إنَّ الحكم الدِّيني لا يؤخَذ من حديث واحد مفصولٍ عن غيره، وإنَّما يُضَمُّ الحديث إلى الحديث، ثمَّ نقارن الأحاديث بما دلَّ عليه القرآن الكريم .

وكيف تصح بعض أحاديث ذم الدنيا بينما هناك حديث آخر صحيح يصف فيه النبي الدنيا بأنها  حلوة خضرة .

نعم إنها -كما وصفها عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه مسلم- «إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله تعالى مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون». وهذا المفهوم " حلوة خضرة " يجعلنا ننظر للأرض بتفاؤل على أنها نعمه تستحق العمل والتعمير تقديراً لها "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ "

يمكن لك أن تجعل خضرة هذه الدنيا وسيلة لإنهاء الجوع في العالم، تزرعها قمحاً وشعيراً ونباتاتٍ ومزروعاتٍ يُستخرج منها الغذاء والدواء، وتكون المرعى لما تستدر منه الفوائد للإنسان..

ولكن.. يمكن أيضاً أن تستخدمها لتجعل النبتة مخدراً يلهيك عن الواقع.. أو خمراً تسكر بها وتفجُر.. المشكله ليست في الدنيا ولكن في استخدامك لها . 

ولكن ايضاً انتبه .. لابد من التوازن لا للأسراف .. لا لألهاء الدنيا لك . " كلوا واشربوا ولا تسرفوا " " ألهاكم التكاثر " النهي عن الألهاء وليس التكاثر .

في الختام .. نحن نريد مجتمع يعمل وينتج ويعمر .. ويحب الدين في الوقت ..يفهم أن الدين جزء من الحياة وليس ضد الحياة .. لكن كلامنا ليس نهائي نحتاج حوار له . لأن فيه رأي تاني يقول: أليست هذه النظرة تؤدي لمزيد من إلهاء الناس في الدنيا . لذلك لابد من فتح حوار حول الموضوع.

الأمل كبير .. لابد من عودة فاعلية الدين في الحياة بحب الحياة .. كيف نصنع ثقافة جديدة لعتها حجب الحياة عن الإسلام .. نحتاج لنفكر سوياً . ومازال هناك مفاهيم كثيرة تحتاج أعادة الفاعلية الأكثر احساساً لها الشباب + خبراء وسأكون معكم .

حلقات

برامج اخري

برنامج تراث

برنامج تراث برنامج بدأ د/ عمرو خالد تقديمه في 2023 يتناول قصص من التراث الإسلامي والدروس المستفيدة منها وكيفية التطبيق في الواقع المعاصر .. قصص ممكن نكون عارفينها ولكن هل فاهمين ربنا عايز يقولنا إيه منها؟.. حلقة أسبوعيًا وقصة جديدة نغوص فيها إلي الأعماق لنخرج جواهر ليس بهدف العيش في الماضي ولكن لهدفين مهمين جدا : أولا الانتماء إلي ديننا وأمتنا كأمة عظيمة وحضارة عريقة؛ وثانيا بناء المستقبل علي أسس حضارية وتراثية مما يستفز بداخلنا الرغبة في الإبداع.

الفهم عن الله الجزء الثاني - رمضان 2024

برنامج الفهم عن الله الجزء الثاني.. للدكتورعمرو خالد في رمضان..رحلة يوميًا من خلال 30 قاعدة مع مجموعة من الشباب للوصول إلى الإحسان، من خلال 7 منازل رائعة تجعل حياتك أهدأ وأجمل: التقوى، اليقين، التوكل، التسلم، الرضا، العبودية، محبة الله عز وجل" تزكي الجانب الروحي لدى الإنسان، وتعميق القيم الأصيلة التي تعزز من إيمانه وتحفزه على العيش بإيجابية

amrkhaled

amrkhaled